فرمت ان اقدم هدية لخزانته الشريفة، وتحفة اتقرب بها إلى مقام جلالته المنيفة، وتعذر ان يقدم اليه الأ بقايا انعامه، ولا تسقى كل ارض بصيب غمامه، فإن خزانته العالية مجمع الأخاير والذخائر، وراحته المتوالية تشمل المقيم والسائر.
هذا مع ما خصه الله به من الفطرة الزكية والفطنة الذكية، والدي المتين وحسن اليقين، وجميل الظن بزيارة المشائخ والفقراء وجزيل بره مع النظر التام في مصالح الاجناد والأمراء، والرفق بالرعيه والعمل بالأحكام الشرعية مضافا إلى ما تكامل فيه من فضائل الشجاعة والفروسية، وإحكام الأمور الحربية والضوابط السياسية، والهمم العلية والسيرة العادلة المرضيه، فضائل حباه الله بمجموعها، وخصائل حسن منظورها مع مسموعها، فلهذا رقاه الله ذروة المعالى أفضالا، وملكه رقاب عبيده انعاما عليه وإجلالا، فأفتخر على ملوك العصر وزاده نوالا، فاضحت بدايته نهاية غيره هكذا وإلا فلا لا
لله من ملك اذا ما لامست كفاه بحرا صار ذاك زلالا
ملك غدت كل الملوك ببابه مستمطرين نواله إفضالا
مستمسكين بحبل عروته التي اضحى غمام جميلها هطالا
ملك بدايته نهاية غيرو كالبدر أول ما يكون هلالا
كمل الخصائل ذو المكارم والتقى فالله يكفيه الزمان كمالا
الهمه الله العدل والانصاف، وعلمه ان يتصف بهذه الأوصاف، وفهمه الطريق الواضحة إليه، ووسمه بسيم الأولياء منة من الله عليه، ورسمه برسم قالب الكرامة، وحكمه في ملكه وخلقه في صحه منه وسلامة.
هذا بعدما اوضح له مالكه احوال الرعية عيانا، فاحاط بها ظاهرا وباطنا معرفة وتبيانا، ولم يبق له عذر عن إزاحة عذرهم وحسن النصر الكريم في مصالح امرهم، فإنه لم تنطو عليه الأحوال البرانية ولم تعزب عنه
Página 42