El impacto de los árabes en la civilización europea
أثر العرب في الحضارة الأوروبية
Géneros
فالمسجد لا يحتضن الصور والتماثيل، فلم يتسع لها المجال في الحضارة الإسلامية كما اتسع لها في الأقطار الأوروبية.
ولكنه لا يمنع البناء الجميل والقباب الفاخرة، فكان هو أساسا لفن العمارة العربية الذي ضارع أجمل فنون البناء في القديم والحديث.
وقد كانت للسليقة العربية - أو الشرقية - سمة خاصة فيه تدل على طابع مستقل عن الأساليب التي اقتبس منها العرب فنون البناء؛ فمن الخطأ أن يقال: إن الأسلوب البيزنطي هو أساس المدرسة التي اتخذت البناء في الشرق على هذا الطراز؛ لأن الطراز البيزنطي نفسه نفحة من نفحات الشرق التي خالفت بينه وبين أساليب القارة الأوروبية من قوطية أو رومانية، ولولا هذه النفحة من روح الشرق لما حدث هذا الاختلاف بين بناء بيزنطة وبناء الجرمان أو الطليان.
ومما لا شك فيه أن العرب قد اعتمدوا على فنون البناء في الأمم التي سبقتهم إلى هذه الفنون، ومنهم الفرس والروم والمصريون، وأنهم قد استعانوا بالبنائين من القبط والأرمن في كثير من العمارات، ولكن الذي لا شك فيه كذلك أن اليد الصانعة لم تكن في الحقيقة إلا الأداة المعبرة عن الروح العربية التي لا تلتبس بغيرها.
فمن ذا الذي يتملى منظرا من مناظر القصور العربية ويعزل بينه وبين رشاقة النخلة الهيفاء، وخفة الفرس الضامر، وهودج الحرم المكنون، وتناوب الحياة بين الفضاء والظلال؟ ومن ذا الذي ينظر إلى تلك الأقواس والنوافذ ولا يعقد الصلة بينها وبين الحافر تارة، والخف تارة أخرى؟ بل من ذا الذي يسمع المقابلة بين المصاريع والقوافي في الشعر العربي ولا يلمح المصدر الذهني الذي أوحى به ماثلا في الأنساق والمقابلات، أو في المربعات المتقابلة كما ظهرت في أول بناء مقدس حج إليه العرب، وهو البيت الحرام؟
فالروح العربي قد أضفى مثاله على طراز البناء المنسوب إليه بغير مراء، فلا يرى الناظر عربية ثم يخطر له أنها من وحي أوروبا، أو وحي الصين، أو وحي فارس على تشابه الطرز في بعض الصفات.
ونحسب أن هذا الطابع الصراح هو الذي منع اقتباس الطراز العربي بتفصيلاته في الأقطار الأوروبية التي اتصلت بالحضارة الإسلامية؛ لأنه إما أن يكون طراز إقليم أو طراز مسجد، وكلاهما لا يقتبس بتفصيلاته لاختلاف المناخ والعقيدة والمراسم الدينية.
ومن هذا اقتبس الأوروبيون ما وسعهم اقتباسه من طراز البناء العربي متفرقا في القصور والقلاع والأماكن التي لا شأن لها بالعقائد والمراسم الدينية.
فشاع في إنجلترا على عهد الملكة اليصابات وما بعده بعض النقوش البارزة التي أطلقوا عليها اسم النقوش العربية
Arabesque ، وبنوا قلاعهم بعد الحروب الصليبية على طراز العربي في مضاعفة الجدران وإقامة البروج ما بينها، وتخطيط الحصون المركزة، وإقامة الأبواب المنحرفة ذات الزوايا القائمة التي تحول دون استخدام الباب عند الوصول إليه لتصويب القذائف إلى الأفنية الداخلية. وقد أخذوا من الكنائس الشرقية التي تأثرت بالطراز العربي أنماطا من الزوايا والبروج المستديرة لم يكن لبناة الكنائس عهد بها في المغرب قبل الحروب الصليبية.
Página desconocida