El impacto de los árabes en la civilización europea
أثر العرب في الحضارة الأوروبية
Géneros
فلا بد من الرجوع إذن إلى سبب غير السبب العنصري المزعوم لتعليل القلة الملحوظة في عدد العلماء من العرب الأصلاء في بعض العصور.
وأدعى من هذا إلى البحث عن سبب غير ذلك السبب، أن العرب الأصلاء قد اشتغلوا بالفلسفة والحكمة في الأندلس، وعلى عهد العلويين وأواخر العباسيين، وأن تاريخ الثقافة العربية يشتمل على أناس، مثل: ابن الهيثم، والحسن بن أحمد الهمداني (المتوفى سنة 334) صاحب كتاب سرائر الحكمة، وأنساب حمير، وهو محيط بمباحث الفلسفة عن أصل العالم، وقواعد النطق والكلام، ومثل ابن النضر القاضي الذي قال فيه أبو الصلت في رسالته عن منجمي مصر:
أما المنجمون الآن بمصر فهم أطباؤها كما حذيت النعل بالنعل، لا يتعلق أكثرهم من علم النجوم بأكثر من زائجة يرسمها ومراكز يقدمها، وأما التبحر ومعرفة الأسباب والعلل والمبادئ الأول فليس منهم من يرقى إلى هذه الدرجة، ويسمو إلى هذه المنزلة، ويحلق في هذا الجو، ويستضيء بهذا الضوء، ما خلا القاضي أبا الحسن علي بن النضر المعروف بالأديب، فإنه كان من الأفاضل الأعيان المعدودين من حسنات الزمان.
وفي كتب التراجم والسير - ولا سيما أخبار الحكماء للقفطي - خلاصات طيبة عن كثير من الفلاسفة والحكماء ممن لم يرزقوا الشهرة في صدر الإسلام، وقد اشتهر مع هذا رجال كالكندي، ومحمد بن إبراهيم الفزاري، وأبناء موسى بن شاكر الثلاثة؛ محمد وأحمد والحسن، في العهد الذي برزت فيه أسماء العلماء من الغرباء عن السلالة العربية.
ولا يذهب بنا البحث عن سبب القصور العنصري إلى بعيد؛ فإن الأسباب كثيرة مكشوفة قريبة التناول لمن يريد أن يراها، ومنها أن الأعاجم سبقوا العرب إلى صناعة الكتابة؛ لأن العرب كانوا في صدر الإسلام أصحاب قيادة ورئاسة، شغلتهم الفتوح وسياسة البلدان المفتوحة عن دراسة العلوم التي يغني عنهم فيها أعوانهم من الأتباع والمرءوسين.
ومن تلك الأسباب أن الأمم الطارئة على الإسلام كانت أحوج إلى تعلم اللغة والفقه والبحث عن مصادرها، وإلى الاستمساك في بلادهم النائية بعروة الدين لا تربطهم بالدولة عروة سواه.
ومنها أن الدولة العباسية قامت على الأعاجم ، فقربتهم وتعهدتهم بالمكافأة والتشجيع، فأقاموا على البحث والعلم وهم على ثقة من حسن الجزاء.
ومنها أن عدد الفضلاء الأعاجم هو عددهم بالقياس إلى جميع أفراد الأمم التي ينتمون إليها، أما عدد الفضلاء من صميم العرب، فهو عددهم بالقياس إلى الفاتحين الراحلين عن الجزيرة العربية، وهم قلة صغيرة إلى جانب الذين تخلفوا بعدهم في البادية على نحو معيشتهم الأولى.
ومنها أن الجدل والمناظرة من لذات الأمم المغلوبة؛ لأنها تلتمس فيها الغلب الذي فاتها من جانب السيادة والقيام على العروش، فالقصور العنصري سبب لا تلجئنا إليه الحقائق ولا تزكيه عند المنصفين.
أما الثابت من هذه الحقائق فهو أن الدفعة التي أحيت الحضارة في رقعة الدولة الإسلامية قد جاءت من السلالة العربية، وأن حضانة الدولة الإسلامية هي التي سمحت ببقاء ما بقي من حضارة الفراعنة والإغريق والفرس والهنود، ولولا قوة «موجبة» في العبقرية العربية لما جاءت تلك الدفعة، ولا تيسرت تلك الحضانة.
Página desconocida