قلب الأم أو الأب هو اللي يحب كل الأطفال زي بعض، إنما ياما أمهات وأبهات يجوعوا ولاد الناس عشان ولادهم ياكلوا ويشبعوا ويتخنوا، ياما أطفال تتعرى وتعيا وتموت عشان أطفال تانية تاكل شيكولاتة وتلبس حرير وكشاكيش، قلب الأم أو الأب هو اللي يتعذب لو شاف أي طفل جعان أو عريان. تعرف يا توفيق، كل الناس فاكرة إن حسن ابني وإني اللي ولدته، لكن الحقيقة إني كنت من أربع سنين راجعة بيتي قبل الفجر بشوية صغيرين، كان عندي نوبتشية في المصنع، الدنيا كانت شتا وبرد. (يضيء ركن المسرح المظلم ويرى شارع خال في منتصف الليل فيه مصباح نور. الهواء شديد، فتاة تغطي رأسها بشال كبير وتحتضن طفلا مولودا ملفوفا في لفائف كثيرة، تسرع الخطى وهي تتلفت حولها، يبدو عليها الإرهاق والأسى والخوف والحزن، تقبل طفلها وتمسح دموعها، ثم تضعه بعناية شديدة في الشارع بجوار جدار. الطفل يبكي وتتركه وهي مترددة، تتلفت خلفها إليه وقلبها متمزق لتركه وحده في الظلام والبرد.
الهواء عاصف. يسمع صوت العاصفة، وصوت بكاء الطفل الوليد، موسيقى تصويرية تعبر عن الفزع والوحدة والألم والاستغاثة.
تختفي الأم وراء جدار آخر، تنتظر وتراقب من بعيد ما الذي سيحدث لطفلها.
تبكي وحدها وهي مختفية في الظلام.
العاصفة تهدأ قليلا، والطفل يكف عن البكاء بعض الوقت. تظهر في الشارع زكية تسير وحدها عائدة إلى بيتها، مرتدية معطفا صوفيا سميكا.
تتوقف حينما ترى الشيء الملفوف، الأم تراقبها من بعيد لتطمئن على طفلها.)
صوت زكية :
وأنا بعدي كوبري عباس شفت حاجة صغيرة ملفوفة ومحطوطة على الرصيف، وقفت وبصيت شفت إيد صغيرة وصوابعها صغيرة، مديت إيدي بصيت لقيت الصوابع الصغيرة بتلف حوالين صباعي وتمسكه قوي قوي. (زكية تحمل الطفل وتحتضنه في صدرها.)
صوت زكية :
حطيته في صدري وبصيت في وشه، وشه كان أسمر محمر، وعينيه مدورة، والنني كبير وبيلمع زي فص الألماز، وحسيت إنه ابني، أنا اللي ولدته، ولدته فين وإمتى معرفش، لكن أنا اللي ولدته. (يطفأ النور في ركن المسرح. يعود المشهد بين زكية وتوفيق.)
Página desconocida