ياللا، برة، برة، حل عني يا أخي ... خليني أعرف أكتب، خليني أقدر أقول اللي جوايا. (يهدأ لحظة ... يجلس على الكنبة ومعه الكأس الفارغ)
الله ينتقم منكم، عملتم كده ليه؟ خليتوا الواحد يشك في عينيه، يشك في إيديه، يشك في الكلام اللي بيكتبه. (يذهب إلى سلة المهملات، يأخذ ورقة مكورة يفردها، ينظر فيها طويلا ثم يكورها مرة أخرى ويلقيها في السلة، يجلس مرة أخرى)
بس لو كان فيه إزازة تانية، كنت عرفت أطرد الراجل ده بصحيح، أصله راجل ماعندوش دم، لازق في زي ما يكون بغرا، وواقف فوق نافوخي زي المرحوم أبويا ما كان يقف فوق دماغي وأنا قاعد أذاكر. (يقلد صوت الأب حين يأمر ابنه التلميذ)
خلي عينك على الكتاب، ابتدي بالحساب، عملت الواجب يا ولد، ما تحركش راسك كتير، بلاش شخبطة على الكتاب، ماتاكلش حرف الكراسة، انت سايب المذاكرة وبتكتب شعر! يا واد خلص الواجب خلي عندك إحساس، خلي عندك دم الامتحان قرب وحتسقط بإذن الله. (يطرد بيديه الشبح، ينهض يدفعه أمامه كأنما يطرده من الباب)
ياللا بقى انصراف ... انصراف. مواعيد العمل خلاص، مواعيد الأوفر تايم برضه خلاص، يا راجل روح لمراتك وولادك، خلي عندك دم، مش شايف إن جيوبي منفضة ومافيش إزازة تانية. روح بقى، حل عني، خليني اقعد شوية مع نفسي، ياللا ... ياللا. (يدخل د. توفيق صامتا واجما يبدو عليه التفكير العميق والأسى.)
منصور :
أهلا توفيق، جيت في وقتك، عاوز إزازة يا توفيق عشان الراجل ده يسيبني ... مش راضي يسبني، لا يمكن يسبني إلا لما أشيل الحتة الفوقانية من دماغي (يشاور على رأسه)
بيسموها عندكم في الطب إيه؟ القشرة المخية؟ أيوة القشرة الفوقانية، الحتة الرفيعة دي يا توفيق، رفيعة خالص زي ورقة السيجارة، إنما إيه، لازقة وجامدة زي الحديد، بعد الإزازة التانية يدوبك أحس إني ابتديت أشيلها وأشيل معاها البلوة التقيلة اللي فوق دماغي، وأحس بصحيح يا توفيق إني أنا منصور أحمد، منصور على حقيقته، يكتب اللي عاوز يكتبه، ويقول اللي في نفسه، لا يخاف، ومافيش حد يقدر يقول تلت التلاتة كام ... بس أجيب أزايز منين يا توفيق؟ أجيب منين؟ (توفيق جالس لا يرد عليه، يبدو عليه الانهماك فيما يشغله ويؤلمه. منصور يقترب منه.)
منصور :
مالك يا توفيق؟ حد عزيز عليك مات؟
Página desconocida