التوضيح الرشيد في شرح التوحيد
التوضيح الرشيد في شرح التوحيد
Géneros
مَسَائِلُ عَلَى البَابِ
- المَسْأَلَةُ الأُوْلَى) هَلْ يَجُوْزُ أَنْ يُلبِسَ المُسْلِمُ أَبْنَاءَهُ مَلَابِسَ رَثَّةً وَبَالِيَةً خَوْفًا مِنَ العَيْنِ؟
الجَوَابُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا؛ وَإِنَّمَا تَرَكَ شَيْئًا - وَهُوَ التَّحْسِيْنُ وَالتَّجْمِيْلُ - وَكَمَا فِي الأَثَرِ عَنْ عُثْمَانَ ﵁ أَنَّهُ رَأَى غُلَامًا صَغِيْرًا حَسَنَ الصُّوْرَةِ فَخَافَ عَلِيْهِ العَيْنَ؛ فَقَالَ لِأَهْلِهِ: دَسِّمُوا نُوْنَتَهُ (وَهِيُ النُّقْرَةُ فِي الذَّقْنِ الَّتِيْ تَظْهَرُ عِنْدَ الضَّحِكِ). (١)
فَهُوَ لَيْسَ لِأَجْلِ أَنْ تَدْفَعَ تِلْكَ النُّقْطَةُ العَيْنَ، وَلَكِنْ لِأَجْلِ أَنْ يَظْهَرَ بِمَظْهَرٍ لَيْسَ بِحَسَنٍ؛ فَلَا تَتَعَلَّقُ النُّفُوْسُ الشِّرِّيْرَةُ بِهِ. (٢)
وَكَمَا فِي أَمْرِ يَعْقُوْبَ ﵊ لِأَبْنَائِهِ بِالدُّخُوْلَ مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خَشْيَةُ العَيْنٍ. (٣)
_________
(١) أَوْرَدَهُ البَغَوِيُّ ﵀ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ (١٦٦/ ١٢)، وَابْنُ الأَثِيْرِ فِي النِّهَايَةِ (٢٦٨/ ٢) رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى.
(٢) أَمَّا إِذَا وَضَعَ هَذِهِ النُّقْطَةَ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا تَدْفَعُ العَيْنَ فَهَذَا مِنِ اتِّخَاذِ الأَسْبابِ الشِّرْكيَّةِ الَّتِيْ لَا تَجُوْزُ.
(٣) قَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ ﵀ فِي التَّفْسِيْرِ (١٦٤/ ١٦): (القَوْلُ فِي تَأْوِيْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلُوْنَ﴾ (يُوْسُف:٦٧): يَقُوْلُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ يَعْقُوْبُ لِبَنِيْهِ لَمَّا أَرَادُوا الخُرُوْجَ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى مِصْرَ لِيَمْتَارُوا الطَّعَامَ: يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِصْرَ مِنْ طَرِيْقٍ وَاحِدٍ، وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ. وَذُكِرَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لَهُم؛ لِأَنَّهُم كَانُوا رِجَالًا لَهُم جَمَالٌ وَهَيْأَةٌ؛ فَخَافَ عَلَيْهِم العَيْنَ إِذَا دَخَلُوا جَمَاعَةً مِنْ طَرِيْقٍ وَاحِدٍ - وَهُم وَلَدُ رَجُلٍ وَاحِدٍ - فَأَمَرَهُم أَنْ يَفْتَرِقُوا فِي الدُّخُوْلِ إِلَيْهَا).
قُلْتُ: (المِيْرَةُ): جَلَبُ الطَّعَامِ لِلبَيْعِ وَلِلعِيَالِ.
1 / 44