273

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

Géneros

بَابُ مَا جَاءَ فِي الاسْتِسْقَاءِ بِالأَنْوَاءِ
وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى ﴿وَتَجْعَلُوْنَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُوْنَ﴾ (الوَاقِعَة:٨٢).
وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ ﵁؛ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ ﷺ قَالَ: (أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُوْنَهُنَّ: الفَخْرُ بِالأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الأَنْسَابِ وَالِاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُوْمِ وَالنِّيَاحَةُ). وَقَالَ: (النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا؛ تُقَامُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (١)
وَلَهُمَا عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ ﵁؛ قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُوْلُ اللهِ ﷺ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقَبْلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: (هَلْ تَدْرُوْنَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟) قَالُوا: اللهُ وَرَسُوْلُهُ أَعْلَمَ. قَالَ: (قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ). (٢)
وَلَهُمَا مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعْنَاهُ، وَفِيْهِ: (قَالَ بَعْضُهُمْ: لَقَدْ صَدَقَ نَوْءُ كَذَا وَكَذَا، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَاتِ ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُوْمِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُوْنَ عَظِيْمٌ، إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيْمٌ، فِي كِتَابٍ مَكْنُوْنٍ، لَا يَمَسُّهُ إِلَّا المُطَهَّرُوْنَ، تَنْزِيْلٌ مِنْ رَبِّ العَالَمِيْنَ، أَفَبِهَذَا الحَدِيْثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُوْنَ، وَتَجْعَلُوْنَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُوْنَ﴾ (الوَاقِعَة:٨٢». (٣)
فِيْهِ مَسَائِلُ:
الأُوْلَى: تَفْسِيْرُ آيَةِ الوَاقِعَةِ.
الثَّانِيَةُ: ذِكْرُ الأَرْبَعِ الَّتِيْ مِنْ أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ.
الثَّالِثَةُ: ذِكْرُ الكُفْرِ فِي بَعْضِهَا.
الرَّابِعَةُ: أَنَّ مِنَ الكُفْرِ مَا لَا يُخْرِجُ مِنَ المِلَّةِ.
الخَامِسَةُ: قَوْلُهُ: (أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ) بِسَبَبِ نُزُوْلِ النِّعْمَةِ.
السَّادِسَةُ: التَّفَطُّنُ لِلْإِيْمَانِ فِي هَذَا المَوْضِعِ.
السَّابِعَةُ: التَّفَطُّنُ لِلْكُفْرِ فِي هَذَا المَوْضِعِ.
الثَّامِنَةُ: التَّفَطُّنُ لِقَوْلِهِ: (لَقَدْ صَدَقَ نَوْءُ كَذَا وَكَذَا).
التَّاسِعَةُ: إِخْرَاجُ العَالِمِ لِلْمُتَعَلِّمِ المَسْأَلَةَ بِالِاسْتِفْهَامِ عَنْهَا لِقَوْلِهِ (أَتَدْرُوْنَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟).
العَاشِرَةُ: وَعِيْدُ النَّائِحَةِ.

(١) مُسْلِمٌ (٩٣٤).
(٢) البُخَارِيُّ (٨٤٦)، وَمُسْلِمٌ (٧١).
(٣) رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٧٣) فَقَط دُوْنَ البُخَارِيِّ.

1 / 273