242

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

Géneros

- المَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ) مَا الجَوَابُ عَنِ الأَثَرِ الَّذِيْ فِيْهِ مَعْرِفَةُ أَبِي بَكرٍ بِمَا سَيَأْتِيْهِ مِنَ الوَلَدِ، وَعَنْ أَثَرِ عُثْمَانَ فِي مُكَاشَفَةِ أَنَسٍ ﵃ أَجْمَعِيْنَ؟
الجَوَابُ: الأَثَرُ بِتَمَامِهِ فِي المُوطَّأ أَنَّهُ عِنْدَمَا حَضَرَتِ الوَفَاةُ أَبَا بَكْرٍ ﵁؛ فَأَخْبَرَ عَائِشَةَ ﵂ عَنْ وَرَثَتِهِ مِنَ البَنِيْنَ؛ فَقَالَ: (وَإِنَّمَا هُوَ مَالُ الوَارِثِ، وَإِنَّمَا هُوَ أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ؛ فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللهِ. فَقَالَتْ: يَا أَبَتِ؛ وَاللَّهِ لَوْ كَانَ كَذَا وَكَذَا لَتَرَكْتُهُ، إِنَّمَا هُوَ أَسْمَاءُ فَمَنِ الأُخْرَى قَالَ: ذُوْ بَطْنِ بِنْتِ خَارِجَةَ؛ أُرَاهَا جَارِيَةً (١». (٢)
وَالجَوَابُ عَلَيْهِ هُوَ مِنْ أَوْجُهٍ:
١) أَنَّهُ مُجَرَّدُ ظَنٍّ وَتَخْمِيْنٍ مِنْ أَبِي بَكْرٍ ﵁، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ (أُرَاهَا) أَيْ: أَظُنُّهَا، فَلَيْسَ هُوَ مِنَ العِلْمِ بِالغَيْبِ بِحَالٍ.
٢) أَنَّ سَبَبَهَا قَدْ يَكُوْنُ رُؤْيَا رَآهَا ﵁، كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْقَانِيُّ (٣) ﵀ فِي شَرْحِ المُوَطَّأِ عَنِ ابْنِ مُزَيْنٍ (٤): (قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا: وَذَلِكَ لِرُؤْيَا رَآهَا أَبُوْ بَكْرٍ).
٣) أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى كَونِهِ مِنْ جُمْلَةِ الكَرَامَاتِ الَّتِيْ أُكْرِمَ بِهَا ﵁ كَمَا سَبَقَ فِي الأَثَرِ عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ عَنْ لَمَّةِ المَلَكِ -.
- وَأَمَّا أَثَرُ أَنَّ أَنَسًا ﵁ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ ﵁، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: (يَدْخُلُ عَلَيَّ أَحَدُكُم - وَأَثَرُ الزِّنَى ظَاهِرٌ عَلَى عَينَيهِ! -) فَهُوَ أَثَرٌ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ المَشْهُوْرِيْنَ، بَلْ رَوَاهُ القُشَيْرِيُّ فِي رِسَالَتِهِ بِصِيْغَةِ التَّمْرِيْضِ. (٥)
وَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الظَّنِّ وَالحَدْسِ الَّذِيْ يَقَعُ فِي خَاطِرِ المُؤْمِنِ وَقَلَّمَا يُخْطِأُ، وَلَيْسَ لَهُ دِلَالَةٌ عَلَى عِلْمِ الغَيْبِ أَصْلًا، وَبَيَانُ ذَلِكَ هُوَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
١) أَنَّ أَنَسًا ﵁ قَالَ - جَوَابًا عَلَى قَوْلِ عُثمان ﵄: (أَوَحْيٌ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ؟؟) فَهُوَ دَلِيْلٌ عَلَى تَأْكِيْدِ عَدَمِ العِلْمِ بِالغَيْبِ بَعْدَ وَفَاتِهِ ﷺ، وَأَنَّ ذَلِكَ الجَزْمَ لَا يَكُوْنُ إِلَّا وَحْيًا.
٢) أَنَّ عُثْمَانَ ﵁ أَجَابَ عَلَى جَوابِ أَنَسٍ بِمَا يُؤَكِّدُ قَوْلَهُ السَّابِقَ، فَقَالَ: (لَا، وَلَكِنَّهَا بَصِيْرَةٌ وَبُرْهَانٌ وَفِرَاسَةٌ). (٦)
وَيَشْهَدُ لِمَعْنَاهُ حَدِيْثُ (إنَّ للهِ تَعَالَى عِبَادًا يَعْرِفُوْنَ النَّاسَ بِالتَّوَسُّمِ). (٧)

(١) وَاسْمُهَا أُمُّ كُلْثُوْمٍ.
(٢) صَحِيْحٌ. المُوَطَّأُ (٧٥٢/ ٢). إِرْوَاءُ الغَلِيْلِ (١٦١٩).
(٣) شَرْحُ الزَّرْقَانِيِّ (٨٦/ ٤)، وَالزَّرْقَانِيُّ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ البَاقِي بِنِ يُوْسُفَ الأَزْهَرِيُّ؛ المَالِكيُّ، (ت ١١٢٢ هـ).
(٤) هُوَ يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيْم بْنِ مُزَيْنٍ؛ أَبُو زَكَرِيَّا: عَالِمٌ بِلُغَةِ الحَدِيْثِ وَرِجَالِهِ، مِنْ أَهْلِ قُرْطُبَةَ، (ت ٢٥٩ هـ). الأَعْلَام لِلزِّرِكْلِيِّ (١٣٤/ ٨).
(٥) أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الغُنَيْمَانُ فِي كِتَابِهِ (عِلْمُ الغَيْبِ فِي الشَّرِيْعَةِ الإِسْلَاميَّةِ) (ص٤٦٢).
(٦) قَالَ فِي القَامُوْسِ المُحِيْطِ (ص٥٦٣): (وَالفِراسَةُ بِالكَسْرِ: اسْمٌ مِنَ التَّفَرُّسِ، وَبِالفَتْحِ: الحِذْقُ بِرُكُوبِ الخَيْلِ وَأَمْرِهَا).
(٧) صَحِيْحٌ. الطَّبَرَانِيُّ فِي الأَوْسَطِ (٢٩٣٥) عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوْعًا. الصَّحِيْحَةُ (١٦٩٣).
وَأَمَّا حَدِيْثُ (اتَّقُوا فِرَاسَةَ المُؤمِنِ؛ فَإنَّه يَنْظُرُ بِنُوْرِ اللهِ ﷿ فَهُوَ ضَعِيْفٌ. التِّرْمِذِيُّ (٣١٢٧) عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ مَرْفُوْعًا. المَوْضُوْعَاتُ لِلصَّغَانِيِّ (ص٥١).

1 / 242