ويقضي فيها بما أراد، فمن كان هذا حاله فلا شك في كفره، إذ إنه ينازع الرب في ربوبيته، ويدعي علمًا استأثر الله به، والله أعلم.
وقد ذكر الشيخ حافظ الحكمي١ ﵀ الأوجه التي بها حكم على الكاهن والمنجم والعراف ونحوهم بالكفر فقال: (وأما كفر الكاهن فمن وجوه: منها كونه وليًا للشياطين، فلم يوح إليه الشيطان إلا بعد أن تولاه، قال تعالى: ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ﴾ ٢، والشيطان لا يتولى إلا الكفار، وهم يتولونه، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾ ٣ وهذا وجه ثان.
والثالث قوله تعالى: ﴿يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ﴾ أي: نور الإيمان والهدى ﴿إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾ أي: ظلمات الكفر والضلالة، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينا ً﴾ ٤ وهذا وجه رابع.
والخامس: تسميته طاغوتًا٥ في قوله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا﴾ ٦ نزلت في المتحاكمين إلى كاهن جهينة.
١ هو حافظ بن أحمد بن علي الحكمي، فقيه، أديب، من علماء جيزان بين الحجاز واليمن، توفي سنة سبع وسبعون وثلاثمائة وألف.
انظر: "معارج القبول": المقدمة، و"الأعلام": (٢/١٥٩) .
٢ سورة الأنعام، الآية:١٢١.
٣ سورة البقرة، الآية: ٢٥٧.
٤ سورة النساء، الآية: ١١٩.
٥ الطاغوت: الكاهن والشيطان هو كل رأس في الضلالة. "الصحاح": (٦/٢٤١٣) .
٦ سورة النساء، الآية: ٦٠.