لها أشد المراعات،
ودخوله دارًا بناها بطالع زعم الكذابون أنه طالع سعد، ولا يرى به في الدار مكروهًا، فقطعت يده ولسانه، وخربت داره فصارت كومًا، ونكب أقبح نكبة نكبها وزير، حتى أنشده بعض الشعراء فيه فقال:
قل لابن مقلة: مهلًا لا تكن عجلًا
واصبر، فإنك في أضغاث أحلام
تبني بأحجر دور الناس مجتهدًا
دارًا ستهدم قنصًا بعد أيام
ما زلت تختار سعد المشتري لها
فكم نحوس به من نحس بهرام١
إن القران وبطليموس ما اجتمعا
في حال نقض ولا في حال إبرام٢
ومن ذلك أيضًا أن المنجمين حكموا لحاكم بأمر الله بركوب الحمار على كل حال، وألزموه أن يتعاهد الجبل المقطم في أكثر الأيام، وينفرد وحده بخطاب زحل بما علموه إياه من الكلام، ويتعاهد فعل ما وضعوه له من البخورات والأعزام، وحكموا بأنه ما دام على ذلك، وهو يركب الحمار فهو سالم النفس عن كل إيذاء، فلزم ما أشاروا به عليه، فجعل الله العزيز العليم، رب الكواكب ومسخرها، ومدبرها أن هلاكه كان في ذلك الجبل، وعلى ذلك الحمار، فإنه خرج بحماره إلى ذلك الجبل على عادته، وانفرد بنفسه، منقطعًا عن موكبه، وقد استعد له قوم بسكاكين، فقطعوه هنالك للوقت والحين، ثم أعدموا جثته فلم يعلم لها خبر٣.
١ بهرام يطلق على المريخ. انظر: "حكم علم النجوم": (ق٣/أ) .
٢ انظر: "تاريخ الإسلام" للذهبي، حوادث (٣٢١-٣٣٠): ص٢٤٣، و"مفتاح دار السعادة": (٢/١٤٤)، و"البداية والنهاية": (١١/٢٠٧-٢٠٨) .
٣ انظر: "الكامل" لابن الأثير: (٩/٣١٤)، و"مفتاح دار السعادة": (٢/١٣٩) .