Asool Al-Iman by Ibn Baz
أصول الإيمان لابن باز
Editorial
الجامعة الإسلامية
Número de edición
السنة الحادية عشرة-العدد الثالث
Año de publicación
ربيع الأول ١٣٩٩هـ/١٩٧٩م
Ubicación del editor
المدينة المنورة
Géneros
ومن هذا الباب ما جاء في الحديث الصحيح، قيل: يا رسول الله أي الإسلام أفضل؟ قال: "أن تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف"، وفي حديث آخر قال: "من سلم المسلمون من لسانه ويده".
فالإسلام أخص بالأعمال الظاهرة التي يظهر بها الانقياد لأمر الله والطاعة له والإتباع لشريعته وتحكيمها في كل شيء، والإيمان أخصّ بالأمور الباطن المتعلقة بالقلب من التصديق بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره؛ ولهذا لما سئل ﷺ عن الإيمان قال: "أن تؤمن بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره"، ففسر الإيمان بهذه الأمور الستة التي هي من أصول الإيمان، وهي في نفسها أصول الدين كله؛ لأنه لا إيمان لمن لا إسلام له، ولا إسلام لمن لا إيمان له، فالإيمان بهذه الأصول لابد منه لصحة الإسلام، لكن قد يكون كاملا وقد يكون ناقصا، ولهذا قال الله ﷿ في حق الأعراب: ﴿قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ .
فلما كان إيمانهم ليس بكامل، بل إيمان ناقص لم يستكمل واجبات الإيمان نفى عنهم الإيمان يعني به الكامل؛ لأنه ينفي عمن ترك الواجبات، كما في قول النبي ﷺ: "لا إيمان لمن لا صبر له"، "لا يؤمن أحدهم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، ومنه قول النبي ﷺ: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت"، "..فليكرم ضيفه"، "..فليصل رحمه"، "..فلا يؤذي جاره" إلى غير ذلك؛ فالمقصود أن الإيمان يقتضي العمل الظاهر، كما أن الإسلام بدون إيمان من عمل المنافقين، فالإيمان الكامل الواجب يقتضي فعل ما أمر الله به رسوله، وترك ما نهى عنه الله ورسوله، فإذا قصر في ذلك جاز أن ينفي عنه ذلك الإيمان بتقصيره كما نفى عن الأعراب بقوله تعالى: ﴿قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ .، وكما نفى عمن ذكر الأحاديث السابقة.
والخلاصة أن الله سبحانه ورسوله نفى الإيمان عن بعض من ترك واجبات الإيمان وأثبتا له الإسلام، فهذه الأصول الستة هي أصول الدين كله، هي أصول إسلامنا وديننا كله، فمن أتى بها مع الأعمال الظاهرة صار مسلما مؤمنا، ومن لم يأت بها فلا إسلام له ولا إيمان له، كالمنافقين؛ فإنهم لما أظهروا الإسلام وادعوا الإيمان وصلّوا مع الناس وحجوا مع الناس إلى غير ذلك، ولكنهم في الباطن ليسوا مع المسلمين بل هم في جانب والمسلمون في جانب؛ لأنهم مكذبون لله ورسوله، منكرون لما جاءت به الرسل في الباطن، متظاهرون بالإسلام لحظوظهم العاجلة ولمقاصد معروفة، فلهذا صاروا كفارا ضلالا، بل صاروا أكفر وأشر ممن أعلن كفره، ولهذا صاروا في الدرك الأسفل من النار، وما ذاك إلا لأن خطرهم أعظم؛ لأن المسلم يظن أنهم إخوته وأنهم على دينه، وربما أفشى إليهم بعض الأسرار فضروا المسلمين وخانوهم، فصار كفرهم أشد وضررهم أعظم، وهكذا من ادعى الإيمان بهذه الأصول ثم لم يؤد شرائع الإسلام الظاهرة، فلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، أو لم يصل، أو لم
1 / 55