بَابُ جِمَاعِ أَبْوَابِ ذِكْرِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تَتْبَعُ إِثْبَاتَ وَحْدَانِيَّتِهِ عَزَّ اسْمُهُ أَوَّلُهَا الْوَاحِدُ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ [ص: ٦٥] وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي
٢٠ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، نا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعْدٍ الْبَزَّارُ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ، ثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، ثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، ﵂ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا تَضَوَّرَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ⦗٤٩⦘ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ ﵀، فِي مَعْنَى الْوَاحِدِ: إِنَّهُ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا: أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا قَدِيمَ سِوَاهُ وَلَا إِلَهَ سِوَاهُ، فَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْعَدَدِ وَتَبْطُلُ بِهِ وَحْدَانِيَّتُهُ وَالْآخَرُ: أَنَّهُ وَاحِدٌ بِمَعْنَى أَنَّ ذَاتَهُ ذَاتٌ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّكَثُّرِ بِغَيْرِهِ، وَالْإِشَارَةُ فِيهِ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِجَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ، لِأَنَّ الْجَوْهَرَ قَدْ يَتَكَثَّرُ بِالِانْضِمَامِ إِلَى جَوْهَرٍ مِثْلِهِ، فَيَتَرَكَّبُ مِنْهُمَا جِسْمٌ، وَقَدْ يَتَكَثَّرُ بِالْعَرَضِ الَّذِي يُحِلُّهُ، وَالْعَرَضُ لَا قِوَامَ لَهُ إِلَّا بِغَيْرٍ يُحِلُّهُ وَالْقَدِيمُ فَرْدٌ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ حَاجَةٌ إِلَى غَيْرِهِ، وَلَا يَتَكَثَّرُ بِغَيْرِهِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى الْوَاحِدِ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِنَفْسِهِ لَكَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا وَلَرَجَعَ الْمَعْنَى إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِجَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ، لِأَنَّ قِيَامَ الْجَوْهَرِ بِفَاعِلِهِ وَمُبْقِيهِ، وَقِيَامُ الْعَرَضِ بِجَوْهَرِ يُحِلُّهُ، وَالثَّالِثُ: أَنَّ مَعْنَى الْوَاحِدِ هُوَ الْقَدِيمُ فَإِذَا قُلْنَا الْوَاحِدُ فَإِنَّمَا هُوَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ هُوَ الْقَدِيمُ لِأَنَّ الْقَدِيمَ مُتَّصِفٌ فِي الْأَصْلِ بِالْإِطْلَاقِ السَّابِقَ لِلْمَوْجُودَاتِ، وَمَهْمَا كَانَ قَدِيمًا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا غَيْرُ سَابِقٍ بِالْإِطْلَاقِ لِأَنَّهُ إِنْ سَبَقَ غَيْرَ صَاحِبِهِ فَلَيْسَ بِسَابِقٍ صَاحِبَهُ وَهُوَ مَوْجُودٌ كوُجُودِهِ فَيَكُونُ ⦗٥٠⦘ إِذًا قَدِيمًا مِنْ وَجْهٍ، غَيْرَ قَدِيمٍ مِنْ وَجْهٍ، وَيَكُونُ الْقَدِيمُ وَصْفًا لَهُمَا مَعًا، وَلَا يَكُونُ وَصْفًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَثَبَتَ أَنَّ الْقَدِيمَ بِالْإِطْلَاقِ لَا يَكُونُ إِلَّا وَاحِدًا، فَالْوَاحِدُ إِذًا هُوَ الْقَدِيمُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ إِلَّا وَاحِدًا وَمِنْهَا الْوِتْرُ: لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ قَدِيمٌ سِوَاهُ لَا إِلَهٌ وَلَا غَيْرُ إِلَهٍ لَمْ يَنْبَغِ لِشَيْءٍ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ أَنْ يُضَمَّ إِلَيْهِ فَيُعْبَدَ مَعَهُ، فَيَكُونَ الْمَعْبُودُ مَعَهُ شَفْعًا، لَكِنَّهُ وَاحِدٌ وِتْرٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ
٢٠ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، نا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعْدٍ الْبَزَّارُ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ، ثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، ثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، ﵂ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا تَضَوَّرَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ⦗٤٩⦘ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ ﵀، فِي مَعْنَى الْوَاحِدِ: إِنَّهُ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا: أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا قَدِيمَ سِوَاهُ وَلَا إِلَهَ سِوَاهُ، فَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْعَدَدِ وَتَبْطُلُ بِهِ وَحْدَانِيَّتُهُ وَالْآخَرُ: أَنَّهُ وَاحِدٌ بِمَعْنَى أَنَّ ذَاتَهُ ذَاتٌ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّكَثُّرِ بِغَيْرِهِ، وَالْإِشَارَةُ فِيهِ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِجَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ، لِأَنَّ الْجَوْهَرَ قَدْ يَتَكَثَّرُ بِالِانْضِمَامِ إِلَى جَوْهَرٍ مِثْلِهِ، فَيَتَرَكَّبُ مِنْهُمَا جِسْمٌ، وَقَدْ يَتَكَثَّرُ بِالْعَرَضِ الَّذِي يُحِلُّهُ، وَالْعَرَضُ لَا قِوَامَ لَهُ إِلَّا بِغَيْرٍ يُحِلُّهُ وَالْقَدِيمُ فَرْدٌ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ حَاجَةٌ إِلَى غَيْرِهِ، وَلَا يَتَكَثَّرُ بِغَيْرِهِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى الْوَاحِدِ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِنَفْسِهِ لَكَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا وَلَرَجَعَ الْمَعْنَى إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِجَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ، لِأَنَّ قِيَامَ الْجَوْهَرِ بِفَاعِلِهِ وَمُبْقِيهِ، وَقِيَامُ الْعَرَضِ بِجَوْهَرِ يُحِلُّهُ، وَالثَّالِثُ: أَنَّ مَعْنَى الْوَاحِدِ هُوَ الْقَدِيمُ فَإِذَا قُلْنَا الْوَاحِدُ فَإِنَّمَا هُوَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ هُوَ الْقَدِيمُ لِأَنَّ الْقَدِيمَ مُتَّصِفٌ فِي الْأَصْلِ بِالْإِطْلَاقِ السَّابِقَ لِلْمَوْجُودَاتِ، وَمَهْمَا كَانَ قَدِيمًا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا غَيْرُ سَابِقٍ بِالْإِطْلَاقِ لِأَنَّهُ إِنْ سَبَقَ غَيْرَ صَاحِبِهِ فَلَيْسَ بِسَابِقٍ صَاحِبَهُ وَهُوَ مَوْجُودٌ كوُجُودِهِ فَيَكُونُ ⦗٥٠⦘ إِذًا قَدِيمًا مِنْ وَجْهٍ، غَيْرَ قَدِيمٍ مِنْ وَجْهٍ، وَيَكُونُ الْقَدِيمُ وَصْفًا لَهُمَا مَعًا، وَلَا يَكُونُ وَصْفًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَثَبَتَ أَنَّ الْقَدِيمَ بِالْإِطْلَاقِ لَا يَكُونُ إِلَّا وَاحِدًا، فَالْوَاحِدُ إِذًا هُوَ الْقَدِيمُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ إِلَّا وَاحِدًا وَمِنْهَا الْوِتْرُ: لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ قَدِيمٌ سِوَاهُ لَا إِلَهٌ وَلَا غَيْرُ إِلَهٍ لَمْ يَنْبَغِ لِشَيْءٍ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ أَنْ يُضَمَّ إِلَيْهِ فَيُعْبَدَ مَعَهُ، فَيَكُونَ الْمَعْبُودُ مَعَهُ شَفْعًا، لَكِنَّهُ وَاحِدٌ وِتْرٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ
1 / 48