Asl al-Zarari Sharh Sahih al-Bukhari - Manuscript

Abdul Qadir al-Astuwani d. 1314 AH
71

Asl al-Zarari Sharh Sahih al-Bukhari - Manuscript

أصل الزراري شرح صحيح البخاري - مخطوط

Editorial

عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري

Ubicación del editor

https

Géneros

فأخذ صيدًا، فقتله؛ لم يؤكل، وكذا لو لم يعلَّم؛ بأنه أرسله أحد؛ لأنَّه لم يقطع بوجود الشرط، كما في «القهستاني». وفي الحديث: أيضًا دليل ظاهر على أنَّ التسمية شرط، ولقوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ [الأنعام: ١٢١]، فالشرط اقتران التسمية بالإرسال، فلو تركها عمدًا عند الإرسال، ثم زجره معها فانزجر؛ لم يؤكل صيده، كما في «القهستاني» و«البدائع». والشروط خمسة عشر؛ خمسة في الصائد: وهو أن يكون من أهل الذكاة، وأن يوجد منه الإرسال، وألَّا يشاركه في الإرسال من لا يحل صيده، وألَّا يترك التسمية عمدًا، وألَّا يشتغل بين الإرسال والأخذ بعمل آخر، وخمسة في الكلب: أن يكون معلَّمًا، وأن يذهب على سنن الإرسال، وألَّا يشاركه في الأخذ ما لا يحل صيده، وأن يقتله جَرْحًا، وألَّا يأكل منه، وخمسة في الصيد: ألَّا يكون من الحشرات، وألَّا يكون من نبات الماء إلا السَّمك، وأن يمنع نفسه بجناحيه أو قوائمه، وألَّا يكون متقوِّيًا بنابه أو بمخلبه، وأن يموت بهذا قبل أن يصل إلى ذبحه، وكلُّها مأخوذة من الحديث، ومقتضى الحديث: عدم الفرق بين كون المعلِّم -بكسر اللام- ممن تحل ذكاته أو لا، واختلف فيه، والجمهور: على أنَّه يشترط كونه مسلمًا أو ذميًّا، فيحرم صيد مجوسي، ووثني، ومرتد، ومُحْرِم؛ لأنَّهم ليسوا من أهل الذكاة، وأمَّا الكتابي؛ فإنَّ ذكاة الاضطرار مثل ذكاة الاختيار، وقد ورد في ذلك آثار؛ منها: عن يحيى بن عاصم، عن علي بن أبي طالب ﵁: (أنَّه كره صيد باز المجوسي وصقره)، ومنها: عن أبي الزبير، عن جابر ﵁ قال: (لا تأكل صيد المجوسي، ولا ما أصاب سهمه)، ومنها: عن خصيف: قال ابن عباس ﵁: لا تأكل ما صِيْد بكلب المجوسي، وإن سميت؛ فإنَّه من تعليم المجوسي، قال تعالى: ﴿تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ﴾ [المائدة: ٤]، وهذه ليس للرأي فيها مجال، فلا تحمل إلا على السماع من النبي الأعظم ﵇، وهو قول عطاء، ومجاهد، والنخعي، ومحمد بن علي، وسفيان الثوري، وغيرهم. وفي الحديث: دليل ظاهر على منع ما أكل منه الكلب وهو مذهب الإمام الأعظم، والجمهور، وقال مالك والشافعي: يؤكل وإن أكل منه الكلب؛ لحديث أبي ثعلبة الخشني في «سنن أبي داود»: «كلْ وإن أكل منه الكلب»، وحديث الباب أصح وأرجح؛ لأنَّه رواه المؤلف من طرق عديدة، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وغيرهم وحديث أبي ثعلبة غريب فلا يعارض الصحيح المشهور، ويدل لحديث الباب قوله تعالى: ﴿وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ [المائدة: ٣]، واسم الكلب يقع على كل سبع حتى الأسد على أنَّ حديث الباب محرِّم، وحديث أبي ثعلبة مبيح، والقاعدة عند الأصوليين: أن المحرِّم مقدَّم على المبيح، فثبت بهذا مذهب الإمام الأعظم. وفي الحديث أيضًا: دلالة ظاهرة على أنَّه لا بدَّ من الجرْح في أي موضع كان؛ لأنَّ المقصود إخراج الدم المسفوح وهو يخرج بالجرح عادة، وهو ظاهر الرواية عن الإمام الأعظم، وبه قال الجمهور، وفي رواية عنه وهو قول الإمام أبي يوسف، والشافعي، والشعبي: أنه لا يشترط؛ لقوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾ مطلقًا من غير قيد بالجرح، ولنا حديث الباب؛ وهو نصٌّ في المقصود، وقوله تعالى: ﴿وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الجَوَارِحِ﴾ [المائدة: ٤] وهي أن تكون جارحة بأنيابها ومخلبها حقيقة، فتشترط الجراحة حقيقة؛ لأنَّ في اشتراط الجرح عملًا بالمتيقن به، ولأنه إذا لم يجرحه؛ فقد صار موقوذة؛ وهي محرمة بالنَّص، وأما الآية المستدل بها؛ فمطلقة، وما قلناه مقيد، فيحمل المطلق على المقيد؛ لاتِّحاد الواقعةوالسبب، فكان ما قلناه أولى، على أنَّه روي عن إبراهيم، = عن عدي بن حاتم قال: قال ﵇: «إذا رميت فسميت فخرق؛ فكلْ، وإن لم يخرق؛ فلا تأكل، ولا تأكل من المعراض إلا ما ذكيت، ولا تأكل من البندقة إلا ما ذكيت»، رواه أحمد وغيره بإسناد صحيح، ورجاله رجال الصحيح، وهو أيضًا نصٌّ في المقصود، فعلى كلٍّ دليلنا أرجح وأحوط؛ فافهم. قال الظاهرية: ومقتضى الحديث وجوب التسمية، فلو تركها عمدًا أو سهوًا؛ لم تحل، وقال الإمام الأعظم: لو تركها عمدًا؛ لم تحل، ولو تركها سهوًا؛ تحل؛ لما في حديث الباب وللآية التي تلوناها، فإنَّ الآية عامة في جميع المأكولات والمشروبات إلا أن الفقهاء أجمعوا على أنَّها مخصوصة بالحيوان الذي زالت حياته، فهو منحصر في ثلاثة أقسام؛ لأنَّ ما زال حياته ولم يذكر عليه اسم الله، إمَّا ألَّا يكون مذبوحًا؛ وهو الميتة، وإمَّا أن يكون مذبوحًا؛ وهو إمَّا أن يذكر عليه اسم غير الله، أو لا يذكر عليه اسم الله ولا اسم غير الله، ولا خلاف في القسمين حرمة، وإنما الخلاف في الثالث وهو الذي ذبحه أهل الذبح ولم يسمَّ عليه أصلًا؛ فعند الإمام الأعظم وأصحابه: أنَّه حرام إن ترك التسمية عمدًا، وحلال إن تركها سهوًا؛ لأنَّ الآية عامة للأقسام الثلاثة دالة على حرمتها، إلَّا أن متروك التسمية بالنسيان خارج عنها لوجهين؛ أحدهما: أنَّ الضمير في قوله: ﴿وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ [الأنعام: ١٢١] يرجع إلى ترك التسمية وهو أقرب، فالأولى رجوع الضمير إليه، ولا ريب أنَّ إهمال [التسمية] إنَّما يكون فسقًا إذا كان عمدًا؛ لأنَّ الناسي خارج غير مكلف، فيكون المعنى: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه عمدًا، فيكون التارك الناسي خارجًا عن الآية، وثانيهما: أنه ﵇ سئل عن ترك التسمية نسيانًا، فقال: «كلوه، فإن تسمية الله في قلب كلِّ مؤمن»، فإنَّه ﵇ لم يجعل الناسي تاركًا؛ حيث جعل تسمية الله في قلب كلِّ مؤمن، ولم يلحق به العامد؛ لأنَّه لما ترك التسمية عامدًا؛ صار كأنَّه نفى ما في قلبه. وقال الشافعي: إنَّ التسمية سنَّة، فلو تركها عمدًا أو سهوًا؛ تحل، فالحديث والآية حجَّة عليه؛ لأنَّه نصٌّ صريح في المقصود، فلا يحتمل التَّأويل، واستدل الشافعي بحديث عائشة عند المؤلف: قلت: يا رسول الله؛ إن قومًا حديثو عهد بجاهلية أتونا بلحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لم يذكروا، أنأكل منه أم لا؟ فقال: «اذكروا اسم الله، وكلوا»، وهو لا يدلُّ على ما قاله؛ لأنَّه يحتمل أنَّه ﵇ علم بطريق الوحي أو الإخبار من الصحابة أنَّهم قد سمُّوا عليه عند الذبح، فلا دليل فيه؛ لأنَّ الدليل إذا طرقه الاحتمال؛ سقط الاستدلال به، ولئن سلَّمنا؛ فقد اجتمع هنا المبيح والمحرِّم، ولا ريب أنَّ المحرِّم مقدَّم على المبيح، ولأنَّ الحرام واجب الترك، والمباح جائز الترك، فكان الاحتياط ترك الأكل من التي لم يذكر اسم الله عليها؛ لأنَّها ميتة، ودليلنا مثبت، ودليله نافٍ، والمثبِت مقدَّم على النافي عند المحققين، وما قاله العجلوني هنا؛ فخبط وخلط، ومنشؤه التعصب لإمام مذهبه، فلا يعوَّل عليه. ووجه الدلالة من الحديث على طهارة سؤر الكلب: أنه ﵇ أذن لعدي ﵁ في أكل ما صاده الكلب، ولم يقيِّد ذلك بغسل موضع فمه. ومن ثَمَّ قال مالك: كيف يؤكل صيده ويكون لعابه نجسًا؟ وأجيب: بأنَّ الحديث سيق للتعريف أنَّ قتله ذكاته، وليس فيه إثبات نجاسة ولا نفيها، ولذلك لم يقل له: اغسل الدم إذا خرج من جرح نابه. واعترض: بأنَّه يحتمل أن يكون وكَّل إليه ذلك. وأجيب: بأن المقام مقام التعريف، ولو كان ذلك واجبًا؛ لبينه له ﵇. ومطابقة الحديث للترجمة على ما في بعض الروايات من زيادة لفظ (وأَكْلِها) بعد لفظ (المسجد)؛ فافهم، والله تعالى أعلم. (٣٤) [باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين] هذا (باب من لم ير الوضوء) أي: واجبًا (إلا من المخرجَين)، وهو تثنية مخرج -بفتح الجيم- وبيَّن ذلك بطريق عطف البيان بقوله: (القبل والدبر) ويجوز أن يكون جرُّهما بطريق البدل، و(القبل) يتناول الذكر، والفرج، والخنثى، وزاد في رواية: (من القبل)، وسقط (من القبل والدبر) للأصيلي، والحصر لبيان الغالب المعتاد، فالخارج من المخرجين يشمل الدم، والقيح، ويلحق به الفصد والحجامة، والقيء، والنوم، وغيرها، فحكم الخارج منهما وغيرهما سواء في الحكم، فلا يتفاوت، وزعم الكرماني رده في «عمدة القاري»؛ فليحفظ. (لقوله تعالى) وفي رواية: (وقول الله تعالى): (﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم﴾) يشمل المذكَّر والمؤنث (﴿مِنَ الغَائِطِ﴾ [النساء: ٤٣]) هو كناية عن قضاء حاجة الإنسان، وهذا لا يصلح دليلًا لما ادَّعاه الشافعية من الحصر على الخارج من المخرجَين؛ لأنَّ عندهم ينتقض الوضوء من لمس النساء ومس الفرج، فإذًا الحصر باطل؛ لأنَّ الملامسة كناية عن الجماع، وقد قال ابن عباس: (المس، واللمس، والغشيان، والقربان، والإتيان، والمباشرة؛ الجماع، لكنه ﷿ حيي كريم يعفو ويكنِّي، فكنَّى باللمس عن الجماع كما كنى بالغائط عن قضاء الحاجة)، ومذهب علي بن أبي طالب، وأبي موسى الأشعري وعَبيدة السلماني - بفتح العين المهملة-، وعُبيدة الضبي - بضم العين المهملة-، وعطاء، وطاووس، والحسن البصري، والثوري، والأوزاعي: أنَّ اللمس والملامسة كناية عن الجماع، وهو الذي صحَّ عن عمر بن الخطاب كما نقله ابن العربي وابن الجوزي، فحينئذٍ قولهم: ملامسة النساء تبطل الوضوء؛ باطل لا دليل عليه، وكذا مسُّ الذكر، واستدلوا بحديث وهو ضعيف؛ لأنَّه ليس على شرط الشيخين، وإذا كانت
الملامسة بمعنى الجماع كيف يكون مس الذكر مثله؟! فيلزم من ذلك أن يجب الغسل، ولنا أحاديث كثيرة وأخبار شهيرة على أنَّ مسَّ الذكر غير ناقض؛ منها: أنَّه سئل ﵇ عن مسِّ الذكر، فقال: «هل هو إلا بضعة منك؟!» فكان الذكر كاليد والرجل، والإجماع منعقد على أنَّ الشخص إذا مسَّ يده أو رجله لا ينتقض وضوءُه، فكذا هذا بنصِّ الشارع ﵇، وأما قوله تعالى: ﴿فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ﴾ [الأنعام: ٧]، وقوله ﵇ لماعز: «لعلَّك لمست»؛ فالقرينة الحالية وكذا المقالية عيَّنت أنَّه مسُّ اليد، وكلامنا عند عدم القرينة، وهو لا يكون إلا كناية عن الجماع، وتفسير ابن عمر الملامسة بجسِّ اليد قد ثبت أنَّه رجع عنها إلى معنى الجماع، فاللفظ مخصوص به؛ فافهم. وإذا عُلِم أن المراد من الغائط الكناية عن قضاء الحاجة؛ عُلِم أن الناقض كل خارج من البدن، فيشمل البول، والغائط، والدم، والقيح، والقيء، والحجامة، وغيرها، فالبول والغائط ثبت بالنصِّ وما ألحق بهما ثبت بدلالته وبالأحاديث المشهورة؛ فافهم. (وقال عطاء) هو ابن أبي رباح، مما وصله ابن أبي شيبة في «مصنفه» بإسناد صحيح (فيمن يخرج من دبره الدود أو من ذكره نحو القملة) واحدة القمل، وهو معروف، وفي معنى الذكر قُبُل المرأة قال: (يعيد الوضوء)؛ لانتقاضه بذلك، فيلزم قطعًا إعادة الصلاة، وفي رواية: (يعيد الصلاة) بدل (الوضوء)، قيَّد بالدودة من الدبر؛ لأنَّه لو خرجت الدودة من الأذن، أو الفم، أو الأنف، أو الجراحة؛ لا ينتقض الوضوء بها، وهذا مذهب الإمام الأعظم، وابن مسعود، وابن عباس، والثوري، وأبو ثور، وإسحاق، والشافعي، وأحمد، وغيرهم، واحتجُّوا بحديث علي بن أبي طالب الآتي في الباب في المذي، وقِيْس عليه نحو القملة، والحصى، وغيرهما، وخالف في ذلك قتادة ومالك فقالا: بإعادة الصلاة دون الوضوء، وهو مرويُّ عن النخعي. وقال داود: النادر لا ينقض الوضوء وإن دام إلا المذي؛ لقوله ﵇: «لا وضوء إلا من صوت أو ريح»، وأجيب: بأنه إذا أوجب الوضوء بالمعتاد الذي تعمُّ به البلوى، فغيره من باب أولى، والإجماع قائم على أنَّه ليس المراد حصر الناقض للوضوء بالصوت أو الريح الذي في الحديث، بل المراد نفي وجوب الوضوء بالشكِّ، وأما حديث صفوان: (لكن من غائط، وبول، ونوم)، فإنَّه بيَّن فيه جواز المسح وبعض ما يمسح بسبب، ولم يقصد بيان جميع النواقض، ألا تراه لم يذكر فيه الريح وزوال العقل وهما مما ينقض بالإجماع، ودم الاستحاضة ناقض في قول عامَّة العلماء. وقال ابن حزم: المذي، والبول، والغائط من أي موضع خرج من الدبر، والإحليل، أو المثانة، أو البطن، وغير ذلك من الجسد، أو الفم ناقض للوضوء؛ لعموم أمره ﵇ بالوضوء عنها، ولم يخص موضعًا من موضع، وبه قال إمامنا ﵁. وأمَّا الريح الخارجة من ذكر الرجل وقُبُل المرأة؛ فإنَّها لا تنقض الوضوء؛ لأنَّها ليست بريح حقيقة، وإنما هي اختلاج، وهو يحصل في جميع أعضاء الجسد، كما بيَّنتُ ذلك في رسالة سميتها «احتجاج الإقضاء في بيان اختلاج الأعضاء»، وأما المرأة المفضاة -وهي التي اختلط مسلك بولها ووطئها وصارا واحدًا، أو التي صار مسلك الغائط والوطء منها واحدًا-؛ فالريح الخارج منها ناقض؛ فيجب عليها الوضوء، وهو قول الإمام محمد الشيباني، وبه أخذ الإمام أبو حفص البخاري للاحتياط، وقيل: إنَّ كان الريح مسموعًا أو منتنًا؛ نقض، وإلا؛ فلا، كما في «شرح المنية» للبرهان الحلبي، وقيل: إنَّه يستحب لها الوضوء ولا يجب؛ لأنَّه يحتمل أنَّها خرجت من الدبر، فتنقض، ويحتمل أنَّها خرجت من الفرج؛ فلا تنقض، والأصل: تيقن الطهارة والناقض مشكوك فيه فلا ينتقض وضوءُها بالشك، لكن يستحب لها الوضوء؛ لإزالة الاحتمال، كذا في «الجوهرة» و«شرح الهاملية». (وقال جابر بن عبد الله) ﵄، مما وصله البيهقي في «المعرفة»، وأبو شيبة في «سننه»: (إذا ضحك) أي: المصلي سواء كان رجلًا أو امرأةً (في الصلاة) وهو ما كان مسموعًا له، ولمن عن يمينه أو عن يساره فقط دون جيرانه؛ وهم أهل مجلسه؛ (أعاد الصلاة) وحكمة الإعادة للزجر؛ لأنَّه واقف في عبادة الله ﷿، فينبغي أن يكون على أكمل الأوصاف، (ولم يعد الوضوء)؛ لعدم انتقاضه بذلك، وهو مذهب الإمام الأعظم، وأصحابه منهم الليث، وهو قول مالك والشافعي، وأمَّا التبسم؛ وهو ما لا صوت له أصلًا بل تبدو أسنانه فقط؛ فهو غير مبطل للوضوء والصلاة جميعًا، وظاهره أنَّ التبسم في الصلاة غير مكروه، كما في «البحر»، لكن في «شرح الملتقى» للداماد (^١) أنَّه قال: (تكره الصلاة به؛ لأنَّه ينافي الخشوع) انتهى. وأمَّا القهقهة؛ فإنَّها تنقض الوضوء عند الإمام الأعظم، وأصحابه، والثوري، والأوزاعي، وهي كما قاله في «البحر»: (أن يقول: قه قه؛ لغة، واصطلاحًا: ما يكون مسموعًا له ولجيرانه بدت أسنانه أو لا) انتهى، وفي «المنية»: (وحد القهقهة: قال بعضهم: ما يظهر القاف والهاء، ويكون مسموعًا له ولجيرانه، وقال بعضهم: إذا بدت نواجذه، ومنعه عن القراءة) انتهى، في «القاموس»: (قهقه: رجَّع -بالتشديد- في ضحكه، أو اشتد ضحكه؛ كـ «قهَّ» فيهما، أو «قهَّ»: قال في ضحكه: قه) انتهى وهو موافق لما قاله في «البحر». ويشترط إظهار الهاء والقاف، أو بدل القاف وهو الألف مع الهاء، وهو المستعمل في كلام الناس، والمراد: من بقربه هم أهل مجلسه، فيشترط سماع جميع أهل مجلسه، فلو سمع بعضهم، ولم يسمع البعض الآخر؛ لا تكون قهقهة، بل هو ضحك غير مفسد للوضوء، كذا قاله شيخ شيخنا، واعتمده في «منهل الطلاب»؛ فليحفظ؛ لما رواه الدارقطني، عن أبي المليح، عن أبيه: بينا نحن نصلي خلف رسول الله ﷺ؛ إذ أقبل رجل ضرير البصر فوقع في حفرة، فقال رسول الله ﷺ: «من ضحك منكم؛ فليعد الوضوء والصلاة»، ورواه أيضًا من حديث أنس، وعمران بن حصين، وأبي هريرة، والمراد من قوله: من ضحك في الصلاة فقهقه؛ فليعد الوضوء والصلاة، رواه ابن عدي في «الكامل» من حديث بقية عن ابن عمر ﵄، والأحاديث يفسِّر بعضها بعضًا، وما زعمه ابن الجوزي: من أنَّ بقية مدلس؛ ممنوع؛ فإنَّ بقية قد صرَّح بالتحديث، وهو صدوق كما وثَّقه الحفَّاظ. على أنَّ لنا في هذا الباب أحد عشر حديثًا عن النبيِّ الأعظم ﵇، منها أربعة مرسلة، وسبعة مسندة: فأول المراسيل: حديث أبي العالية رفيع بن مهران الرياحي البصري، رواه عنه عبد الرزاق، عن قتادة، عن أبي العالية، وهو عدل ثقة، وثَّقه يحيى، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وروى له الجماعة: (أن أعمًى تردَّى في بئر، والنبي ﷺ يصلي بأصحابه، فضحك بعض من كان يصلي معه ﵇، فأمر ﵇ من كان معهم أن يعيد الوضوء ويعيد الصلاة)، وأخرجه

(^١) في الأصل: (للدامات).

1 / 71