فأعجب المتمهدي جوابه، فقال: ولكنه ألم يقل:
ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة .
قال شفيق: نعم، قد قال ذلك، ولكنه قال أيضا:
من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون .
فقال المتمهدي: أتعلم أنك الآن في قبضة يدنا، ولو أردنا قتلك لما كلفنا ذلك غير إشارة.
قال: أعلم ذلك، وأعلم أن الموت والحياة بيد الله.
فقال: قد كنت عازما على قتلك، وقد أعجبني وثيق إيمانك، فهل أنت مؤمن بما دعانا الله تعالى إليه من المهدوية، أو أنت على ما أصحابك عليه من الكفر المبين؟
قال: إذا أذن لي مولاي قلت: إن الكفر ليس من أوصاف الموحدين، وما في أصحابي إلا كل موحد مؤمن يؤمن بالله وبرسوله وبيوم الدين.
قال: إنك مستوجب القتل بمقتضى الشرع؛ لأنك جاسوس جاء يستطلع أحوالنا، وقد جاء بك إلينا من نال أجره في الدنيا وفي الآخرة، ولكن لا بد من إيثاقك لعلنا نؤانس منك نفعا.
قال: لله الأمر يفعل ما يشاء، وهو على كل شيء قدير، ولو قدر الله قتلي ما أمسكت عنه، فإن كل شيء بقضاء وقدر، وأنا لم أعمل إلا ما أستوجب من أجله الثناء؛ لأني أقمت بأمر مولاي، كما أقام رفيقي هذا (وأشار إلى دليله) بأمر مولاه، وقد قال في كتابه:
Página desconocida