Los discursos más famosos y los oradores más célebres
أشهر الخطب ومشاهير الخطباء
Géneros
كان بيكونسفيلد (1805-1881) يهوديا «طالب دنيا» نشأ على دين موسى، فرأى أهل ملته مكروهين محرومين من بعض الحقوق المدنية، فتقمص بلباس المسيحية ودخل البرلمان، فكان قريع غلادستون، كلاهما على طرفي نقيض وكلاهما يرمي إلى غاية تختلف عن غاية الآخر. كان غلادستون حرا يقول بالديمقراطية، مسيحيا يخلص الإيمان للمسيحية، وكان رجل إيثار ونبل في العواطف إذا اهتاجته فاضت على لسانه وحيا يستطير لب الإنجليز فيأتمرون بما أمر وينتهون بما نهى. وكان بيكونسفيلد على عكس ذلك، كان محافظا يكره الديمقراطية ويخشاها، يهودي القلب في مسلاخ المسيحي، لم يكن للعواطف عنده شأن، تدفعه أثرته إلى تجشم المشاق لكي يرضي كبرياءه. فكان لذلك يتخذ هيئة خاصة في لباسه وفي مشيته، يروض نفسه على الكتابة والخطابة حتى بلغ فيهما شأوا عظيما. ولم يكن المثل الأعلى في جميع أطوار حياته غايته؛ لأنه لم يكن له من غاية سوى مصلحته الذاتية. ولو لم يعش في القرن التاسع عشر لكان هذا القرن خيرا وأحسن أثرا في السياسة للشرق والغرب مما كان، فهو الذي جاهد غلادستون في منح أرلندا استقلالها. والاستعماريون الإنجليز يذكرون ويشكرون له صنيعه في جعل ملكة إنجلترا «إمبراطورة» على الهند.
قال في إحدى خطبه عن «أخطار الديمقراطية»:
أعتقد أنه من الميسور أن نزيد عدد الناخبين في البلاد إذا بنينا هذه الزيادة على مبادئ لا تتعارض ومبادئ الدستور، فلا يكون الانتخاب من حقوق الأفراد بل امتيازا يمتاز به الفرد لما اكتسبه من فضائل أو لما له من ذكاء أو اجتهاد أو استقامة ويستعمله للمصلحة العامة، فإذا أنتم اطرحتم هذه القاعدة ورضيتم بالنظرية القائلة بأن لكل شخص الحق في الانتخاب ما دام لم تحكم عليه أحكام تحرمه هذا الحق، فإنكم بهذا العمل تهدمون أساس الدستور، وتهدمونه بكيفية تسقط كرامة الأمة.
إن بين المشروع الذي عرضناه وبين ذاك الذي عرضه العضو المحترم فرق ما بين الحكومة الأرستقراطية؛ أي الحكومة المؤلفة من نخبة الأمة وبين الحكومة الديمقراطية. وإني أرتاب كثيرا فيما إذا كانت الديمقراطية توافق هذه البلاد. ومن حق هذا المجلس أن يعرف عند النظر في هذا المشروع أن ما يدعى إليه إنما هو الاختيار بين المحافظة على الدستور الراهن أو قبول الديمقراطية.
وعلى المجلس أن يتذكر أن ما يعرض عليه الآن له قيمته من الثمن، فإن شعبنا له صفات خاصة، وليس في العالم الآن أمة تعيش في مثل الظروف التي نعيش فيها، مثال ذلك أن لنا كنيسة قوية قديمة ذات أوقاف ثمينة ومع ذلك نعيش في حرية دينية تامة، ولنا نظام لا يختل ترافقه حرية مستوفاة، وعندنا ضياع واسعة تشبه ضياع الرومانيين، ومع ذلك لنا نظام تجاري يفوق ما كان للبندقية وقرطاجنة مجموعتين، ومع هذه المتناقضات وهذه الخواص التي تتسم بها بلادنا نعيش في كنف حكومة لا تعتمد على القوة، فليس لنا جيوش مرابطة، كلا إنما نحن تحكمنا مجموعة من التقاليد القديمة التي احتفظ بها آباؤنا جيلا بعد جيل علما منهم بأنها تخلد العادات وتقوم مقام القوانين وماذا فعلنا بهذه التقاليد؟ أنشأنا بها أكبر إمبراطورية في العصر الحاضر، وجمعنا من رءوس الأموال مقادير تشبه ما يذكر في الأساطير، وأنشأنا نظاما من الاعتماد في الصناعة والعمل ليس له شبيه في التاريخ من حيث السعة والتراكب، وهذه الأعمال العظيمة لا تتناسب وثروة البلاد وعناصرها الأصلية، فإذا أنتم هدمتم أساس هذه العظمة فاذكروا أن إنجلترا لا يسعها أن تبدأ من جديد.
إن هناك بلادا قد قاست آلاما مبرحة وتعرضت لأخطار هائلة، هاكم الولايات المتحدة التي نزلت بها من المحن في أيامنا هذه ما سمعتم عنه، فقد رأيتم هناك حربا أهلية يتناحر فيها الإخوان عاشت مدى أربع سنوات، ولكن هذا الزمن على طوله وعلى ما كان فيه من عناء وخراب وكوارث لم يكن ليمنع الولايات المتحدة من البدء ثانيا لأنها في حال تشبه تلك الحال التي كان يعيش فيها أسلافنا في حرب الورود (سنة 1455)، عندما كان السكان لا يزيدون على ثلاثة ملايين نفس والبلاد تحتوي على ما لا يحصى من الأرض البكر والكنوز المعدنية التي لم تستغل بل التي لم تكشف بعد. وهاكم فرنسا، فقد قامت في تلك البلاد ثورة في أيامنا هذه غير ثورة أخرى حدثت في عصر آبائنا، وكانت كلتاهما انقلابا حقيقيا غير قاصر على تغيير الأحوال السياسية والاجتماعية، فقد اقتلعت مؤسسات الأمة اقتلاعا ومحيت فروق الهيئة الاجتماعية، بل بلغ التغيير حد إبدال الأسماء والأعلام. ولكن مع كل ذلك استطاعت فرنسا أن تبدأ من جديد؛ وذلك لأن لها متسعا من الأراضي الزراعية في أوروبا وسكانها كانوا ولا يزالون محدودي العدد يعيشون عيشة غاية في السذاجة.
ولكن إنجلترا، هذه البلاد التي نعرفها ونعيش فيها ونزهى بها ليس في مقدورها أن تبدأ من جديد. ولست أعني بذلك أنه إذا فشت في إنجلترا القلاقل ذهبت حضارتها وأصبحت خرابا يبابا! كلا، فإن ذكاء الأمة يعود فيأخذ في الظهور ويبقى شيء من الأخلاق ولكن إنجلترا هذه التي نعهدها بما فيها من مأثور الآباء وبأس الأبناء وبما فيها من الأموال والنظم التجارية تزول ... وإني أرجو أن المجلس عندما يدرك أن المشروع يراد به طعن دستور البلاد لن يأذن بالتقدم خطوة واحدة نحو الديمقراطية؛ إذ عليه أن يحافظ على النظام الحاضر الذي نعيش فيه على أرض إنجلترا. (22) خطبة لغلادستون
تاريخ غلادستون (1809-1898) هو في الواقع تاريخ إنجلترا في القرن التاسع عشر أو على الأقل تاريخها في ثلثيه الأخيرين، فليس هناك مسألة مهمة تتعلق بسياسة البلاد في هذه المدة لم يكن لرأيه أثر فيها. وكانت الميزة التي اتسمت بها شخصيته وجعلت الشعب الإنجليزي ينقاد إليه إخلاصه، فلم يكن يعرف «دهاء» السياسيين أو أساليب المواربة وطرق الغش والتمويه، وكان لسانه ترجمان قلبه، «ولم يكن له من يعدله في المناقشات البرلمانية في تاريخ البلاد. وكان صوته بطبيعته جميلا حلوا قويا نافدا يرن على أوتار جميع العواطف. وقد كان مرانه الطويل في مجلس العموم سببا في تنشئة مواهبه إلى أقصى حد، وكانت طلاقة لسانه تبلغ به حدا فاحشا بحيث تحمله فصاحته أحيانا إلى غاية بعيدة، ولكن المستمعين له لم يكن يظهر عليهم مع ذلك إنهم يسأمون الإصغاء إليه.»
وقد اخترنا القطعة التالية من خطبة ألقاها في جلاسجو في سنة 1865 عن «الحروب والاستعمار»، قال:
إذا رجعنا إلى تاريخ الإنسان في العصور الأولى نجد أنه كان يعيش بلا قوانين تحدد حقوق الأفراد، فكان أول ما يجول بخاطر الفرد إذا أراد أن يصلح من شئونه ويزيد ثروته أن يغير على جاره ويأخذ منه عنوة ما يملك، فكانت القرصنة والغزو في العصور الأولى يقومان مقام الحروب في العصور الحديثة. تسألون لماذا؟ فلننظر في عبر الحرب.
Página desconocida