٣ - ويقول ابن قتيبة فيه ما قاله ابن سلام: فهو أجودهم طويلة وهو صاحب المعلقة "لخولة أطلال" وليس عند الرواة من شعره وشعر عبيد بن الأبرص القليل.
ويقول فيه صاحب الجمهرة: هو أشعرهم إذ بلغ بحداثة سنه ما بلغ القوم في طوال أعمارهم فجب وركض معهم.
وسئل حسان من أشعر الناس فقال قبيلة أم قصيدة. قيل كلاهما قال أما أشعرهم قبيلة فهذيل، وأما أشعرهم قصيدة فطرفة.
وسئل جرير من أشعر الناس؟ قال الذي يقول: ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا - البيت.
وقال القالي في أماليه حدثنا أبو بكر بن الأنباري، نبأنا أبو حاتم، نبأنا عمارة بن عقيل، نبأنا أبي: يعني عقيل بن بلال، سمعت أبي يعني بلال بن جرير يقول عن أبيه جرير دخلت على بعض خلفاء بني أمية، فقال ألا تحدثني عن الشعراء؟ فقلت بلى قال: فمن أشعر الناس؟ قلت ابن العشرين، يعني طرفة. قال فما تقول في ابن أبي سلمى والنابغة؟ قلت كانا ينيران الشعر ويسديانه. قال فما تقول في امرئ القيس بن حجر؟ قلت: اتخذ الخبيث الشعر نعلين يطؤهما كيف يشاء. قال: فما تقول في ذي الرمة؟ قلت: قدر من الشعر على ما لم يقدر عليه أحد. قال فما تقول في الأخطل؟ قلت: ما باح بما في صدره من الشعر حتى مات. قال: فما تقول في الفرزدق؟ قلت: بيده نبعة الشعر قابضًا عليها. قال: فما أبقيت لنفسك شيئًا. قلت: بلى، والله يا أمير المؤمنين، أنا مدينة الشعر، التي يخرج منها ويعود إليها.
ويقول السيوطي ٩١١ في المزهر: طرفة من المقلين وفضل الناس بواحدة وهي معلقته "لخولة أطلال"، وله سواها يسير لأنه قتل صغيرًا حول العشرين فيما روي.
ويقول فيه صاحب الأدب الجاهلي على مذهبه في إنكار الشعر الجاهلي وانتحاله: "معلقة طرفة تبدو فيها شخصية قوية ومذهب في الحياة واضح هو مذهب اللهو واللذة، وهذه الشخصية ظاهرة البداوة والإلحاد، وهذا الشعر واضح لا تكلف فيه ولا انتحال، وفي المعلقة شعر وصفي صنعه علماء اللغة وشعر صدر عن الشاعر حقًا وهو الذي سجل عواطف الشاعر وآراءه في الحياة.
طرفة والشعراء الجاهليون
والشعراء الجاهليون باعتبار أزمنتهم ثلاث طبقات: ١ - الطبقة الأولى، ومن شعرائها المهلهل ٥٣٠ م والشنفري ٥١٠، وتأبط شرًا ٥٣٠م، وسواهم من الشعراء.
٢ - الثانية، ومن شعرائها: امرؤ القيس ٥٦٠ م، والسموأل ٥٦٠ م، وعلقمة الفحل ٥٦١ م والمرقش الأصغر نحو عام ٥٦٠ م، والمرقش الأكبر ٥٥٢ م، وعبيد ٥٥٥ م، والمتلمس ٥٨٠ م والحارث ابن حلزة ٥٨٠ م، والمثقب العبدي ٥٨٧ م، والأفوه الأودي ٥٧٠ م ومنها طرفة ٥٦٥ م، ولقد عاش طرفة إبان هذه النهضة الشعرية التي حمل لواءها امرؤ القيس ومن عاصره أو جاء بعده من الشعراء.
٣ - الطبقة الثالثة، ومن شعرائها: النابغة ٦٠٤ م، وعمرو بن كلثوم ٦٠٠ م، وحاتم ٦٠٥ م، وعروة بن الورد ٥٩٦ م، وعنترة ٦٥١ م، والأعشى ٦٢٩ م، وزهير ٦٣٠ م، ولبيد ٦٦٢ م، وسواهم.
أسباب شاعريته
كانت كل الظروف تعمل عملها في خلق شاعرية طرفة وتكوينها: ١ - فالصحراء تغذي الخيال وتثير العاطفة والشعور وتلهم الناس بآيات الشاعرية وموهبتها. فضلًا عن مشاهدها المنوعة التي تستثير المشاعر والملكات.
٢ - وأسرة الشاعر بما كان فيها من أعلام في الشعر جعلته يرث هذه المواهب ومن أسرته المرقش الأكبر، وخاله هو المتلمس، وكانت أخته الخرنق شاعرة، كما كان من شعراء بكر قومه: الحارث بن حلزة، وسواه.
٣ - ومجد طرفة وحسبه أنطقاه وألهماه القول والبيان، وكما يقول الشاعر:
فلو أن قومي أنطقتني رماحهم ... نطقت ولكن الرماح أجرت
٤ - ويتمه أليس هو الذي أثار فيه بواعث الشعر وأسبابه الأولى وأمده بهذه العاطفة المتأججة المشتعلة، وتلك الملكة القوية الحادة؟.
٥ - ورحلة الشاعر في البلاد ما بين اليمامة واليمن والحبشة إلى الحيرة وبعض أرجاء البلاد العربية أمدته بمدد لا ينفذ وبثروة فنية وفكرية واسعة مما ظهر في شعر الشاعر وأفكاره وآرائه وحكمته.
٦ - والخصومات العنيفة بين قومه وخصومهم من تغلب وسواها، وبين الشاعر والعاصرية، كابن عمه عبد عمرو، وكعمرو بن هند ملك الحيرة وسواهما هذه الخصومات هي التي أججت شاعريته وأحكمت فنه.
1 / 62