فوارس من منولة غير ميل ... ومرة، فوق جمعهم العقاب
- ٢١ - وقال يهجو يزيد بن عمرو بن الصعف الكلابي:
لعمرك ما خشيت على يزيد ... من العحر المضلل ما أتاني
كأن التاج معصوبًا عليه ... لأذواد أصبن بذي أبان
فحسبك أن تهاض بمحكمات ... تمر بها الروى على لساني
فقبلك ما شتمت وقاذعوني ... فما نزر الكلام ولا شجاني
يصد الشاعر الثنيان عني ... صدود البكر عن قرم هجان
أثرت الغي ثم نزعت عنه ... كما حاد الأزب عن الطعان
فإن يقدر عليك أبو قبيس ... تمط بك المعيشة في هوان
وتخضب لحية غدرت وخانت ... بأحمر من نجيع الجوف آني
وكنت أمينه لو لم تخنه ... ولكن لا أمانة لليمان
- ٢٢ - وقال يرثي النعمان بن الحارث بن أبي شمر الغساني:
دعاك الهوى واستجهلتك المنازل ... وكيف تصابى المرء والشيب شامل
وقفت بربع الدار قد غير البلى ... معارفها والساريات الهواطل
أسائل عن سعدى وقد مر بعدنا ... على عرصات الدار سبع كوامل
فسليت ما عندي بروحة عرمس ... تخب برحلي تارة وتناقل
موثقة الأنساء مضبورة القرا ... نعوب إذا كل العتاق المراسل
كأني شددت الرحل حين تشذرت ... على قارح مما تضمن عاقل
أقب كعقد الأندي مسحج ... حزابية قد كدمته المساحل
أضر بجرداء النسالة سمحج ... يقلبها إذ أعوزته الحلائل
إذا جاهدته الشد جد وإن ونت ... تساقط لا وان ولا متخاذل
وإن هبطا سهلًا أثار عجاجة ... وإن علوا حزنًا تشظت جنادل
ورب بني البر شاء ذهل وقيسها ... وشيبان حيث استبهلتها المنازل
لقد عالني ما سرها وتقطعت ... لروعاتها مني القوى والوسائل
فلا يهنئ الأعداء يصرح ملكهم ... وما عتقت منه تميم ووائل
وكانت لهم ربعية يحذرونها ... إذا خضخضت ماء السماء القبائل
يسير بها النعمان تغلي قدوره ... تجيش بأسباب المنايا المراحل
تحث الحداة جالزًا بردائه ... بقي حاجبيه ما يثير القنابل
يقول رجال ينكرون خليقتي ... لعل زيادًا "لا ابا لك" غافل
أبي غفلتي أني إذا ما ذكرته ... تحرك داء في فؤادي داخل
وإن تلادى إن ذكرت وشكتي ... ومهري وما ضمت لدي الأنامل
حباؤك والعيس العتاق كأنها ... هجان المها تحدى عليها الرحائل
فإن تك قد ودعت غير مذمم ... أواسي ملك ثبتتها الأوائل
فلا تبعدن إن المنية موعد ... وكل امرئ يومًا به الحال زائل
فما كان بين الخير لو جاء سالمًا ... أبو حجر إلا ليال فلائل
فإن تحي لا أملل حياتي وإن تمت ... فما في حياتي بعد موتك طائل
فآب مصلوه بعين جلية ... وغودر بالجولان حزم ونائل
سقى الغيث قبرًا بين بصرى وجاسم ... بغيث من الوسمي قطر ووابل
ولا زال ريحان ومسك عنبر ... على منتهاه ديمة ثم هاطل
ونبت حوذانًا وعوف منورا ... سأتبعه من خير ما قال قائل
بكى حارث الجولان من فقد ربه ... وحوران منه موحش متضائل
قعودًا له غسان يرجون أوبه ... وترك ورهط الأعجمين وكابل
قال الأعلم الشنتمري في شرحه للديوان: كمل جميع ما رواه الأصمعي من شعر النابغة نصل به قصائد متخيرة مما رواه غير الأصمعي إن شاء الله تعالى.
- ٢٣ - وقال:
غشيت منازلًا بعريتنات ... فأعلى الجزع للحي المبن
تعاورهن صرف الدهر حتى ... عفون؛ وكل منهمر مرن
وقفت بها القلوص على اكتئاب ... وذاك تفارط الشوق المعني
أسائلها وقد سفحت دموعي ... كأن مفيضهن غروب شن
بكاء حمامة تدعو عديلًا ... مفجعة على فنن تغني
ألكي يا عيين إليك قولًا ... سأهديه إليك: إليك عني
قوافي كالسلام إذا استمرت ... فليس يرد مذهبها التظني
بهن أدين من يبغي أذاتي ... مداينة المداين فليدني
أتخذل ناصري وتعز عبسًا ... أيربوع بن غيظ للمعن
كأنك من جمال بني أقيش ... يقعقع خلف رجليه بشن
تكون نعامة طورًا وطورًا ... هوى الريح تنسج كل فن
1 / 39