وفصل له
وصل كتابك السار المؤنس، فكان سر طالع إلي وأحسنه موقعا مني، إذ كنت أستعلي بعلوك وأرى نعمتك تنحط إلي، ويتصل بي ما يتصل بالأدنين من لحمتك، وحملة شكرك، ومظان معروفك والمقيمين على تأميلك. فلا أعدمني الله ما استجنى ولا أزال عني ظلك ولا أفقدني شخصك.
وله: كتبت إليك ونحن في عافية مجددة، والحمد لله المتطول بالنعمة المرجو للمزيد، ولست وإن باعدتك الدار مني، ونأي بك الزمن عنا بمقصى القلب عن برك بالذكر، والعناية، ولا اللسان بالدعاء والمسئلة، ولا النية في الإخلاص والمحبة لا حياء العهد بالمكاتبة، وتجديد الوصلة بالمراسلة.
فإن النبي ﷺ قال التواصل بين الناس في الحضر التزاور، وفي السفر التكاتب.
قلت أنا: وأنشدني عبيد الله بن عبد الله بن طاهر لنفسه في معنى التزاور والتكاتب:
حَقُّ التَّنِائي بَيْنَ أَهْلِ الْهَوَى ... تَكاتُبٌ يُسْخِنُ عَيْنَ النَّوَى
وَفِي التَّدابِي لاَ انْقَضَى عُمْرُهُ ... تَزاوُرٌ يَشْفِى غَلِيلَ الْجوَى
1 / 37