Ashbah Wa Nazair
الأشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة النعمان
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٩ هـ - ١٩٩٩ م
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
فَائِدَةٌ:
هَلْ تَصِحُّ نِيَّةُ عِبَادَةٍ، وَهِيَ فِي عِبَادَةٍ أُخْرَى؟ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: نَوَى فِي صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، أَوْ نَافِلَةٍ الصَّوْمَ
تَصِحُّ نِيَّتُهُ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ.
الثَّامِنُ فِي بَيَانِ عَدَمِ اشْتِرَاطِهَا فِي الْبَقَاءِ
وَحُكْمِهَا مَعَ كُلِّ رُكْنٍ قَالُوا: فِي الصَّلَاةِ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي الْبَقَاءِ لِلْحَرَجِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ، فَكَذَا فِي بَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ وَفِي الْقُنْيَةِ لَا تَلْزَمُ نِيَّةُ الْعِبَادَةِ فِي كُلِّ جُزْءٍ إنَّمَا تَلْزَمُ فِي جُمْلَةِ مَا يَفْعَلُهُ فِي كُلِّ حَالٍ، وَفِي الْبِنَايَةِ افْتَتَحَ الْمَكْتُوبَةَ
وَمِنْ الْغَرِيبِ مَا فِي الْمُجْتَبَى: وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْعِبَادَةِ، وَهِيَ التَّذَلُّلُ، وَالْخُضُوعُ عَلَى أَبْلَغِ الْوُجُوهِ وَنِيَّةِ الطَّاعَةِ، وَهِيَ فِعْلُ مَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ وَنِيَّةِ الْقُرْبَةِ، وَهِيَ طَلَبُ الثَّوَابِ بِالْمَشَقَّةِ فِي
فِعْلِهَا وَيَنْوِي أَنَّهُ يَفْعَلُهَا مَصْلَحَةً لَهُ فِي دِينِهِ
وَأَنْ يَكُونَ أَقْرَبَ إلَى مَا وَجَبَ عِنْدَهُ عَقْلًا مِنْ الْفِعْلِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَأَبْعَدَ عَمَّا حُرِّمَ عَلَيْهِ مِنْ الظُّلْمِ وَكُفْرَانِ النِّعْمَةِ، ثُمَّ هَذِهِ النِّيَّاتُ مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ إلَى آخِرِهَا خُصُوصًا عِنْدَ الِانْتِقَال مِنْ رُكْنٍ إلَى رُكْنٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْعِبَادَةِ فِي كُلِّ رُكْنٍ، وَالنَّفَلُ كَالْفَرْضِ فِيهَا إلَّا فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ فِي النَّوَافِلِ أَنَّهَا لُطْفٌ فِي الْفَرَائِضِ وَتَسْهِيلٌ لَهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْعِبَادَةَ الَّتِي هِيَ ذَاتُ أَفْعَالٍ يَكْتَفِي بِالنِّيَّةِ فِي أَوَّلِهَا، وَلَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا فِي كُلِّ فِعْلٍ اكْتِفَاءً بِانْسِحَابِهَا عَلَيْهَا، إلَّا إذَا نَوَى بِبَعْضِ الْأَفْعَالِ غَيْرَ مَا وُضِعَ لَهُ، قَالُوا لَوْ طَافَ طَالِبًا لِغَرِيمٍ لَا
يُجْزِيهِ، وَلَوْ وَقَفَ كَذَلِكَ بِعَرَفَاتٍ أَجْزَأَهُ وَقَدَّمْنَاهُ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّوَافَ عَهْدُ قُرْبَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ، وَفَرَّقَ الزَّيْلَعِيُّ بَيْنَهُمَا بِفَرْقٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ النِّيَّةَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ تَضَمَّنَتْ جَمِيعَ مَا
يَفْعَلُ فِي الْإِحْرَامِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ النِّيَّةِ، وَالطَّوَافُ يَقَعُ بَعْدَ التَّحَلُّلِوَفِي الْإِحْرَامِ مِنْ وَجْهٍ فَاشْتُرِطَ فِيهِ أَصْلُ النِّيَّةِ لَا تَعْيِينُ الْجِهَةِ، وَقَالُوا: لَوْ طَافَ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَقَعَ عَنْ الْفَرْضِ، وَلَوْ طَافَ بَعْدَ مَا حَلَّ النَّفْرُ، وَنَوَى التَّطَوُّعَ أَجْزَأَهُ عَنْ الصَّدْرِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ
وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الْعِبَادَةِ تَنْسَحِبُ عَلَى أَرْكَانِهَا
وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنْ نِيَّةَ التَّطَوُّعِ فِي بَعْضِ الْأَرْكَانِ لَا تُبْطِلُهُ،
1 / 38