Los similares y los análogos

Jalal al-Din al-Suyuti d. 911 AH
79

Los similares y los análogos

الأشباه والنظائر

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1403 AH

Ubicación del editor

بيروت

لِإِقَامَةِ مَصَالِحِ الدِّينِ أَوْلَى مِنْ تَعْرِيضِهَا لِلْفَوَاتِ فِي عِبَادَةٍ، أَوْ عِبَادَاتٍ يَفُوتُ بِهَا أَمْثَالُهَا. الثَّانِيَةُ: مَشَقَّةٌ خَفِيفَةٌ لَا وَقْعَ لَهَا كَأَدْنَى وَجَعٍ فِي إصْبَعٍ، وَأَدْنَى صُدَاعٍ فِي الرَّأْسِ، أَوْ سُوءُ مِزَاجٍ خَفِيفٍ، فَهَذِهِ لَا أَثَرَ لَهَا، وَلَا الْتِفَاتَ إلَيْهَا ; لِأَنَّ تَحْصِيلَ مَصَالِحِ الْعِبَادَاتِ أَوْلَى مِنْ دَفْعِ مِثْلِ هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ الَّتِي لَا أَثَرَ لَهَا. الثَّالِثَةُ: مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَرْتَبَتَيْنِ. فَمَا دَنَا مِنْ الْمَرْتَبَةِ الْعُلْيَا، أَوْجَبَ التَّخْفِيفَ، أَوْ مِنْ الدُّنْيَا، لَمْ يُوجِبْهُ كَحُمَّى خَفِيفَةٍ وَوَجَعِ الضِّرْسِ الْيَسِيرِ، وَمَا تَرَدَّدَ فِي إلْحَاقِهِ بِأَيِّهِمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ وَلَا ضَبْط لَهَذِهِ الْمَرَاتِبِ، إلَّا بِالتَّقَرُّبِ. وَقَدْ أَشَارَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى فِي ضَبْطِ مَشَاقِّ الْعِبَادَاتِ: أَنْ تُضْبَطَ مَشَقَّةُ كُلِّ عِبَادَةٍ بِأَدْنَى الْمَشَاقِّ الْمُعْتَبَرَةِ فِي تَخْفِيفِ تِلْكَ الْعِبَادَةِ فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهَا، أَوْ أَزْيَدَ، ثَبَتَتْ الرُّخْصَةُ، وَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ فِي مَشَقَّةِ الْمَرَضِ الْمُبِيحِ لِلْفِطْرِ فِي الصَّوْمِ: أَنْ يَكُونَ كَزِيَادَةِ مَشَقَّةِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ عَلَيْهِ فِي الْحَضَرِ وَفِي إبَاحَةِ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ: أَنْ يَحْصُلَ بِتَرْكِهَا، مِثْلُ مَشَقَّةِ الْقَمْلِ الْوَارِدِ فِيهِ الرُّخْصَةُ. وَأَمَّا أَصْلُ الْحَجِّ، فَلَا يُكْتَفَى فِي تَرْكِهِ بِذَلِكَ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَشَقَّةٍ لَا يُحْتَمَلُ مِثْلُهَا، كَالْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ، وَالْمَالِ وَعَدَمِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ. وَفِي إبَاحَةِ تَرْكِ الْقِيَامِ إلَى الْقُعُودِ: أَنْ يَحْصُلَ بِهِ مَا يُشَوِّشُ الْخُشُوعَ، وَإِلَى الِاضْطِجَاعِ أَشَقُّ لِأَنَّهُ مُنَافٍ لِتَعْظِيمِ الْعِبَادَاتِ بِخِلَافِ الْقُعُودِ، فَإِنَّهُ مُبَاحٌ بِلَا عُذْرٍ كَمَا فِي التَّشَهُّدِ فَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الْعَجْزُ بِالْكُلِّيَّةِ. وَكَذَلِكَ اكْتَفَى فِي إبَاحَةِ النَّظَرِ إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ بِأَصْلِ الْحَاجَةِ، وَاشْتَرَطَ فِي سَائِرِ الْأَعْضَاءِ تَأَكُّدَهَا. وَضَبَطَهُ الْإِمَامُ بِالْقَدْرِ الَّذِي يَجُوزُ الِانْتِقَالُ مَعَهُ إلَى التَّيَمُّمِ، وَاشْتَرَطَ فِي السَّوْأَتَيْنِ مَزِيدَ التَّأْكِيدِ، وَضَبَطَهُ الْغَزَالِيُّ بِمَا لَا يُعَدُّ التَّكَشُّفُ بِسَبَبِهِ هَتْكًا لِلْمُرُوءَةِ، وَيُعْذَرُ فِيهِ فِي الْعَادَةِ. تَنْبِيهٌ: مِنْ الْمُشْكِلِ عَلَى هَذَا الضَّابِطِ: التَّيَمُّمُ. فَإِنَّهُمْ اشْتَرَطُوا فِي الْمَرَضِ الْمُبِيحِ لَهُ: أَنْ يَخَافَ مَعَهُ تَلَفَ نَفْسٍ، أَوْ عُضْوٍ، أَوْ مَنْفَعَةٍ، أَوْ حُدُوثَ مَرَضٍ مَخُوفٍ، أَوْ بُطْءَ الْبُرْءِ، أَوْ شَيْنٌ فَاحِشٌ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ، وَمَشَقَّةُ السَّفَرِ دُونَ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ. قَالَ الْعَلَائِيُّ: وَلَعَلَّ الْفَارِقَ بَيْن السَّفَرِ وَالْمَرَضِ: أَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ لَا يَنْقَطِعَ الْمُسَافِرُ عَنْ رُفْقَتِهِ، وَلَا يَحْصُلُ لَهُ مَا يُعَوِّقُ عَلَيْهِ التَّقَلُّبَ فِي السَّفَرِ بِالْمَعَايِشِ، فَاغْتُفِرَ فِيهِ أَخَفُّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمَرِيضَ. أَشَارَ إلَى ذَلِكَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ. وَأَشْكَلُ مِنْ هَذَا: أَنَّهُمْ لَمْ يُوجِبُوا شِرَاءَ الْمَاءِ بِزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَجَوَّزُوا التَّيَمُّمَ، وَمَنَعُوهُ فِيمَا إذَا خَافَ شَيْئًا فَاحِشًا فِي عُضْوٍ بَاطِنٍ مَعَ أَنَّ ضَرَرَهُ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ

1 / 81