Asbir wa Ihtasib
اصبر واحتسب
Editorial
دار القاسم
Géneros
أي أن الله -جل وعلا- خصه بالبلاء ليمحصه ويطهره.
قال أبو الدرداء: من يتفقد يفقد، ومن لا يعد الصبر لفواجع الأمور يعجز (١).
واعلم أخي أن الذي أنزل الداء أنزل الدواء ووعد الشفاء، فالصبر وإن كان شاقًا أو ممتنعًا فتحصيله ممكن.
وليعلم أهل المصائب أنه لولا محن الدنيا ومصائبها، لأصاب العبد من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه عاجلًا وآجلًا، فمن رحمة أرحم الراحمين أن يتفقده في الأحيان بأنواع المصائب تكون حمية له من هذه الأدواء، وحفظًا لصحة عبوديته، واستفراغًا للمواد الفاسدة الرديئة المهلكة، فسبحان من يرحم ببلائه، ويبتلي بنعمائه كما قيل:
قد يُنعم الله بالبلوى وإن عظمت ... ويبتلي الله بعض القوم بالنعم
فلولا أنه ﷾ يداوي عباده بأدوية المحن والابتلاء لطغوا وبغوا وعتوا وتجبروا في الأرض، وعاثوا فيها بالفساد، فإن من شيم النفوس إذا حصل لها أمرٌ ونهي، وصحة وفراغ، وكلمة نافذة من غير زاجر شرعي يزجرها، تمردت وسعت في الأرض فسادًا مع علمهم بما فُعل بمن قبلهم، فكيف لو حصل لهم مع ذلك إهمال؟ ! ولكن الله ﷾ إذا أراد بعبده خيرًا سقاه
_________
(١) حلية الأولياء ١/ ١٨١.
1 / 32