109

Asbab Nuzul

أسباب نزول القرآن

Editor

كمال بسيوني زغلول

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١١ هـ

Ubicación del editor

بيروت

مِنَ الْعُبُودِيَّةِ. قَالَ جَعْفَرٌ: سَلْهُمَا: هَلْ أَهْرَقْنَا دَمًا بِغَيْرِ حَقٍّ فَيُقْتَصُّ مِنَّا؟ فَقَالَ عَمْرٌو:
لَا، وَلَا قَطْرَةٌ. قَالَ جَعْفَرٌ: سَلْهُمَا: هَلْ أَخَذْنَا أَمْوَالَ النَّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَعَلَيْنَا قَضَاؤُهَا؟ قَالَ النَّجَاشِيُّ: يَا عَمْرُو إِنْ كَانَ قِنْطَارًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، فَقَالَ عَمْرٌو: لَا وَلَا قِيرَاطًا، قَالَ النَّجَاشِيُّ: فَمَا تَطْلُبُونَ مِنْهُمْ؟ قَالَ عَمْرٌو: كُنَّا وَهُمْ عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ، وَأَمْرٍ وَاحِدٍ، عَلَى دِينِ آبَائِنَا، فَتَرَكُوا ذَلِكَ الدِّينَ وَاتَّبَعُوا غَيْرَهُ، وَلَزِمْنَاهُ نَحْنُ، فَبَعَثَنَا إِلَيْكَ قَوْمُهُمْ لِتَدْفَعَهُمْ إِلَيْنَا. فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي كُنْتُمْ عَلَيْهِ، وَالدِّينُ الَّذِي اتَّبَعْتُمُوهُ؟ اصْدُقْنِي. قَالَ جَعْفَرٌ: أَمَّا [الدين] الذي كنا عليه وتركناه فهو دين الشيطان وأمره، كنا نكفر باللَّه ﷿، ونعبد الحجارة، وأما [الدِّينُ] الَّذِي تَحَوَّلْنَا إِلَيْهِ فَدِينُ اللَّهِ الْإِسْلَامُ، جَاءَنَا بِهِ رَسُولُ مِنَ اللَّهِ وَكِتَابٌ مِثْلُ كِتَابِ ابْنِ مَرْيَمَ مُوَافِقًا لَهُ.
فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: يَا جَعْفَرُ لَقَدْ تَكَلَّمْتَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ فَعَلَى رِسْلِكَ. ثُمَّ أَمَرَ النَّجَاشِيُّ فَضُرِبَ بِالنَّاقُوسِ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ كُلُّ قِسِّيسٍ وَرَاهِبٍ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا عِنْدَهُ قَالَ النَّجَاشِيُّ: أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى، هَلْ تَجِدُونَ بَيْنَ عِيسَى وَبَيْنَ الْقِيَامَةِ نَبِيًّا مُرْسَلًا؟ فَقَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَدْ بَشَّرَنَا بِهِ عِيسَى، وَقَالَ: مَنْ آمَنَ بِهِ فَقَدْ آمَنَ بِي، وَمَنْ كَفَرَ بِهِ فَقَدْ كَفَرَ بِي. فَقَالَ النَّجَاشِيُّ لِجَعْفَرٍ: مَاذَا يَقُولُ لَكُمْ هَذَا الرَّجُلُ وَيَأْمُرُكُمْ بِهِ، وَمَا يَنْهَاكُمْ عَنْهُ؟ قَالَ: يَقْرَأُ عَلَيْنَا كِتَابَ اللَّهِ، وَيَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَيَأْمُرُ بِحُسْنِ الْجِوَارِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَبِرِّ الْيَتِيمِ، وَيَأْمُرُنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.
فَقَالَ: اقْرَأْ عَلَيْنَا شَيْئًا مِمَّا كَانَ يَقْرَأُ عَلَيْكُمْ. فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سورة «العنكبوت» و«الروم» . فَفَاضَتْ عَيْنَا النَّجَاشِيِّ وَأَصْحَابِهِ مِنَ الدَّمْعِ، وَقَالُوا: يَا جَعْفَرُ، زِدْنَا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الطَّيِّبِ. فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ «سُورَةَ الْكَهْفِ» . فَأَرَادَ عَمْرٌو أَنْ يَغْضَبَ النَّجَاشِيُّ فَقَالَ: إِنَّهُمْ يَشْتُمُونَ عِيسَى وَأُمَّهُ، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: مَا يَقُولُونَ فِي عِيسَى وَأُمِّهِ؟ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ جَعْفَرٌ سُورَةَ «مَرْيَمَ»، فَلَمَّا أَتَى عَلَى ذِكْرِ مَرْيَمَ وَعِيسَى رَفَعَ النَّجَاشِيُّ نَفْثَةً مِنْ سِوَاكٍ قَدْرَ مَا يَقْذِي الْعَيْنَ، وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا زَادَ الْمَسِيحُ عَلَى مَا تَقُولُونَ هَذَا. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ فَقَالَ: اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ سُيُومٌ بِأَرْضِي.
يَقُولُ: آمِنُونَ، مَنْ سَبَّكُمْ أَوْ آذَاكُمْ غَرِمَ، ثُمَّ قَالَ: أَبْشِرُوا وَلَا تَخَافُوا، وَلَا دَهْوَرَةَ

1 / 110