قال: «لما استولى العرب على حلب أخرجونا منها، فالتقى سيدي بقسطنطين ابن الإمبراطور وهو في قيسارية، فبعث به مع جماعة من جنده ليحمل إليه خطيبته أرمانوسة.»
فقال: «وأين قسطنطين الآن؟» قال: «هو قادم في بحر الروم بمراكبه التي سترسو عند دمياط، حيث يكون في انتظارنا ليحمل خطيبته إلى القسطنطينية.»
فاتضح الأمر لمرقس وعلم أنه أصاب ضالته عفوا فقال: «إذا كانت الحال كما ذكرت فأخبرك بالحقيقة إني رسول مولاتي أرمانوسة لا مولاي المقوقس، وكل ما تريد أن تعلمه عنها أطلعك عليه لأني عالم بكل شيء.»
قال: «هل هي في خير، ومستعدة للمسير إلى مولانا؟»
قال: «نعم إنها كذلك، وقد جاءت بلبيس منذ أيام في انتظاره، ولكنك لم تخبرني عن سبب ركوبك هذا الجمل وأنت روماني.»
قال: «أراك تدقق السؤال، ولكنني قد استأنست بحديثك وتوسمت فيك الصدق، فأخبرك أنه لما فتح العرب حلب أمسكوا مولاي يوقنا وجماعة من رجاله، وفي جملتهم أنا، فبقينا نؤاكلهم ونشاربهم ونرافقهم في أسفارهم، فتعودنا ركوب الجمال والهجن، لأننا رأيناها أسرع عدوا من الخيل، فعولنا عليها في السفر السريع.»
فقال مرقس: «وهل في معسكركم هذا جند من العرب؟» قال: «لا.»
فقال: «وهل علمتم شيئا عن عزمهم على غزو مصر؟»
قال: «علمنا أنهم قادمون إليها بحملة، ولعلهم الآن في العريش.»
فبهت مرقس وأخذ يتأمل ما سمعه من بروفس، فلم يره منطبقا على أحكام العقل، ولم يفهم كيف أنهم خالطوا العرب وآكلوهم وعاشروهم حتى تعلموا ركوب الجمال، وكيف أنهم قادمون لحمل أرمانوسة إلى قسطنطين، فقال له: «وهل اعتنق مولاكم يوقنا ديانة هؤلاء العرب؟»
Página desconocida