Las noches más baratas

Yusuf Idris d. 1412 AH
49

Las noches más baratas

أرخص ليالي

Géneros

ودخل كاتب الاستقبال، صامتا على غير عادته، لا تستقر نظراته كالذي يبحث عن شيء، ونسي ما يبحث عنه. واتجه إلى الركن الذي وضعنا فيه أشياء عبد القادر، بذلة في ظهرها ثقوب، وقميص أبيض لا تهتم لبياضه بقدر ما تقشعر للدائرة الحمراء البشعة على صدره الأيمن، وعلبة فيها ثلاث سجائر، ومنديلان، وقطعة حلوى، وحافظة نقود فيها فوق ما فيها من أوراق صورة قديمة تثنت حوافها لطفل صغير.

وتلكأ الكاتب قليلا بعد أن انتهى من مهمته، ودار ببصر ذاهل في أرجاء المكان، واستقرت عينه بعد تردد على عبد القادر، ثم غادر الحجرة تاركا خلفه أصداء همهماته المكتومة.

وأغلقت الباب. •••

وكان الوقت قد تأخر ، والمصابون الذين يتطلبونني قد انتهوا أو كادوا، والليل قد عم أرجاء المستشفى، والظلام في الخارج واسع واسع لا حدود له، والنور في الداخل ساطع يلمع له كل شيء، والغلاية تزن، والممرضة تتثاءب، والتومرجي واقف قد ألصق ساقيه بحافة السرير، والهواء أصبح لزجا ثقيلا.

وأحسست أول الأمر أن أشياء كثيرة حولي تلهث.

ثم شعرت بالحجرة كلها تزفر، وكأنها رئة محموم.

والتفت حول قلبي أصابع رفيعة غامضة، وشددت قبضتها.

ووجدت نفسي أقف، وأتمشى في الحجرة، ورفعت «كوبس» الغلاية، وأعدت رباط «محلول الملح»، وما كان في حاجة إلى رباط.

ومع هذا بقيت الحجرة كلها تلهث كرئة المحموم.

وعلى حين بغتة عرفت ما حدث.

Página desconocida