259

Cuarenta Hadices

الاربعون حديثا

Géneros

اتجاهه ، ويهديك سبيل النجاة . واعلم بان اليأس من رحمه الحق من اعظم الذنوب ، ولا اظن ان هناك ذنب أسوأ وأشد تأثيرا في النفس من القنوط من رحمة الله . فان الظلام الدامس اذا غشي قلب الانسان اليائس من الرحمة الالهية ، لما امكن اصلاحه ، ولتحول الى طاغية ، لا يوجد سبيل للهيمنة عليه . فإياك ان تغفل من رحمة الحق عز وجل ، وإياك ان تستعظم الذنوب وتبعاتها . ان رحمة الحق سبحانه اعظم واوسع من كل شيء . نصف بيت شعر :

«ان عطاء الحق غير مشروط بقابلية المعطى اليه» .

ماذا كنت في بدء الامر ؟ كنت في غياهب العدم ولا توجد فيك القابلية والاهلية ، ولكن الحق جل وعلا ، قد وهبك نعمة الوجود وكمالاته وبسط مائدة النعم اللامحدودة ، والرحمة اللامتناهية ، وسخر لك كافة الموجودات ، من دون استحقاق واستعداد ومن دون سؤال ودعاء مسبق .

ثم انك في هذا اليوم لا يكون وضعك أسوأ ، من اليوم الذي كنت فيه عدما صرفا ، ولا شيخا بحتا . ان الله قد وعد بالرحمة والمغفرة . تقدم الى الامان خطوة واحدة ، باتجاه عتبة قدسه ، فانه سيأخذ بيدك مهما كلف الامر . انك ان لم تستطع ان تؤدي حقوقه ، فهو سيتنازل عنها . وان لم تستطع ان تدفع حقوق الناس ، فانه سيجبرها .

هل سمعت قصة الشاب الذي كان ينبش القبور في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ؟

ايها العزيز ان طريق الحق سهل وبسيط ، ولكنه يحتاج الى انتباه يسير ، فيجب العمل ، لان التباطئ والتسويف ، ومضاعفة المعاصي في كل يوم ، تبعث على صعوبة الامر ، وأما الاقبال على العمل ، والعزم على اصلاح السلوك والنفس ، فيقرب الطريق ويسهل العمل .

جربه ، واعمل في الاتجاه المذكور ، فاذا حصلت على النتيجة تبين لك صحة الموضوع . وان لم تصل الى النتيجة المتوخاة فان طريق الفساد مفتوح ويد المذنب طويلة . وأما الامران الآخران الخامس والسادس المذكوران في الرواية المنقولة عن نهج البلاغة المتقدمة اللذان ذكرهما الامام امير المؤمنين عليه السلام ، فهما من شروط كمال التوبة ، والتوبة الكاملة ، لان التوبة لا تتحقق ولا تقبل من دونهما ، بل ان التوبة من دونهما ليست بكاملة .

اعلم ان لكل منزل من منازل السالكين مراتب ودرجات تختلف حسب اختلاف حالات قلوبهم . وان التائب اذا اراد البلوغ الى مرتبة الكمال ، فلا بد من تدراك ما تركه ، وتدارك الحظوظ ايضا ، يعني لا بد من تدارك الحظوظ النفسانية التي لحقت به ايام الآثام والمعاصي الاربعون حديثا :264

Página 263