Aram de Damasco e Israel
آرام دمشق وإسرائيل: في التاريخ والتاريخ التوراتي
Géneros
وإلى نشوء ثنائية إسرائيل - كنعان كواقع ثقافي ملموس. لقد كانت تقارير السيدة كينيون الأثرية بمثابة قمة نتاج الأركيولوجيا التقليدية في فلسطين. ورغم أن هذه الباحثة لا تنتمي إلى الفريق المحافظ الذي يسعى إلى إيجاد الدعم الأركيولوجي للرواية التوراتية، إلا أنها لم تنح جانبا الرواية التوراتية التي كانت حاضرة على الدوام كشاهد نفي أو إثبات. ومع ذلك فإنها توضح على الدوام عدم إمكانية تمييز ما هو إسرائيلي عما هو كنعاني، وذلك في المواقع جميعها وعبر المراحل كلها. (2) نظرية الانتفاضة الداخلية
إذا لم يكن الإسرائيليون قد وفدوا من خارج كنعان، فلا بد أنهم شريحة اجتماعية محلية فرزتها ظروف معينة عن المجتمع الكنعاني. وهذا ما تقول به نظرية ظهرت في ستينيات القرن العشرين على يد الباحث ميندنهل
Mendenhall ، وطورها بعده الباحث غوتوالد
Gottwald .
يرفض ميندنهل، من حيث الأساس، نظرية الأصل الخارجي الرعوي للجماعات الإسرائيلية التي تسربت إلى المناطق الهضبية بحثا عن المراعي. وهو يرى أن الجماعات التي شكلت إسرائيل فيما بعد هي شرائح فلاحية كنعانية لجأت إلى الثورة في وجه حكام دويلات المدن الطغاة، وأن خميرة هذه الحركة الثورية كانت جماعة آبقة من العبودية في مصر، جاءت معها بعبادة يهوه التي تبنتها الجماعات الفلاحية الثائرة. وقد كان تبني الجماعات الثائرة لعبادة يهوه بمثابة إعلان لرفضها لكل ما تمثله دويلات المدن الكنعانية المتسلطة على الشرائح الزراعية المضطهدة. ويعقد ميندنهل صلة بين عبران عصر الحديد الذين استهلوا هذه الثورة، وعابيرو عصر العمارنة في البرونز الأخير. فالعابيرو والعبراني عنده متعادلان، والكلمة تدل على تلك الشرائح الاجتماعية المحرومة في مجتمعات الشرق القديم، والتي لجأت بسبب وضعها العام إلى التمرد والعصيان على النظام الفاسد لدولة المدينة الكنعانية. وهو إذ يفهم ويفسر اضطرابات العابيرو في فلسطين إبان القرن الرابع عشر قبل الميلاد من خلال هذا المنظور، فإنه يعتقد أن روح التمرد والمقاومة قد استمرت لدى هذه الشرائح منذ ذلك الوقت، ثم أعلنت عن نفسها مجددا في القرن الثاني عشر قبل الميلاد بين الجماعات القديمة ذاتها. إلا أن ما يميز التمرد العبراني اللاحق عن تمرد العابيرو هو أن التمرد العبراني كان تمردا دينيا في جوهره، وأن أصحابه كانوا يبحثون عن الحرية الدينية تحت لواء عبادة يهوه المناقضة لعبادة الأبعال الكنعانية. من هنا، فإن إسرائيل في نشأتها كانت تلاحما دينيا لجماعات محلية في أصلها، وأن القرى الزراعية الكنعانية قد صارت عبرانية باختيارها لديانة يهوه، ورفضها للنظام السياسي الكنعاني في المدن الكبرى.
5
أما الباحث غوتوالد
Gottwald
فقد تبنى نظرية ميندنهل في الانتفاضة الداخلية مع بعض التعديلات التي تعتمد الأفكار الماركسية (1979). يتفق غوتوالد، من حيث المبدأ، مع ميندنهل في أن الجماعات الإسرائيلية الأولى كانت شرائح مضطهدة من الفلاحين والمزارعين والرعاة، ومن الجماعات الهامشية التي تقع خارج الإطار الاجتماعي والسياسي لدويلات المدن الكنعانية. إلا أنه يرى في ثورة هؤلاء انتفاضة طبقية بالمفهوم الماركسي. فهذه الشرائح المضطهدة في فلسطين قد ثارت ضد دويلات المدن الإقطاعية ونظمها السياسية، التي تديرها أرستقراطية نبيلة تعمل على استغلال وقمع الشرائح الاجتماعية المحرومة.
6
Página desconocida