Aram de Damasco e Israel
آرام دمشق وإسرائيل: في التاريخ والتاريخ التوراتي
Géneros
19
فأين أخبار مصر والمصريين في سفر القضاة؟ إن غياب أخبار مصر بشكل خاص وأخبار آشور - التي وصلت قواتها إلى مسافة بضع عشرات من الأميال - عن مسرح قصص القضاة، وعدم تعرض النص التوراتي إلى ذكر أية حادثة أو شخصية تتصل بأحداث تلك الفترة؛ يدل على أن محرري التوراة الذين كانوا خلال العصر الفارسي يؤسسون لأصول إسرائيل في عصر منقطع عنهم تماما ، لم يكونوا يعرفون شيئا عن ذلك العصر، ولم يكن في حوزتهم أية معلومات تاريخية مباشرة أو غير مباشرة عنه ولا عن أهله وثقافاته ودوله. إن عصر القضاة ليس له وجود خارج مجال القصة والجنس الأدبي التوراتي المؤيد بالأيديولوجيا.
لقد سقط عصر القضاة تاريخيا كما سقطت قصة الفتح العسكري لأرض كنعان، ولم يبق من الباحثين من يدافع عن تاريخيته إلا القليل. فالباحث ر. ديفو (1978)، في كتابه الموسوعي المعروف عن تاريخ إسرائيل، يعترف بالمشكلات التي تعترض قبولنا بتاريخية عصر القضاة، ويحرف مسار البحث التاريخي عن أصول إسرائيل ليبتدئ من عصر المملكة الموحدة فقط، أما ما قبل ذلك فهو مجرد «ما قبل التاريخ» بالنسبة إلى إسرائيل. وهو لا يعتقد أن بإمكاننا التحدث عما يمكن تسميته «بكل إسرائيل» إلا ابتداء من عصر شاول، وهو الملك الأول للقبائل التي شكلت إسرائيل. وانطلاقا من ذلك، فإنه يعطي لنفسه الحرية في البحث عن بدايات وأصول مختلفة لهذه القبائل، ويطيل أمد فترة الفتح والاستقرار لتشمل كامل الألف الثاني قبل الميلاد.
20
ويسير الباحث مايز
A. Mayes
في اتجاه مشابه، مقدما عددا من المحاكمات المنطقية التي من شأنها تقويض أية قناعة بالأساس التاريخي لعصر القضاة. وهو يرى أن فكرة «كل إسرائيل» الضرورية جدا للقبول بعصر القضاة، هي فكرة لاحقة ابتكرتها عملية التحرير المتأخرة، ذلك أن الدراسة المدققة للنص التوراتي تثبت أنه لم تقم سلطة مركزية من أي نوع في إسرائيل قبل مملكة شاول، والقبائل الإسرائيلية لم تقم بأي نشاط مشترك يتضمن «كل إسرائيل» قبل قيام المملكة الموحدة. وحتى ذلك الحلف، الذي التأم حول القاضية دبورة، لم يكن سوى حادثة لاحقة اقتلعت من سياقها وأدمجت في فترة عصر القضاة.
21
أما الباحث ميللر
J. M. Miller (1977) فيرى أن الاعتماد على المعلومات التاريخية والأركيولوجية من أجل إثبات أو نفي الرواية التوراتية لسفر القضاة هو مجهود لا طائل من ورائه؛ لأننا لا نتعامل مع نص تاريخي تم تدوينه إبان الحدث أو بعده بقليل، بل مع نص مكتوب بأسلوب التحرير الحر وفي وقت متأخر جدا عن الحدث. ويلخص ميللر دراسته عن سفر القضاة بالنتائج المبدئية التالية: (1)
Página desconocida