Aram de Damasco e Israel
آرام دمشق وإسرائيل: في التاريخ والتاريخ التوراتي
Géneros
وتقدم رسائل تل العمارنة المتبادلة بين الملوك السوريين والفلسطينيين، والبلاط المصري، خلال حكم الفرعون إخناتون؛ معلومات قيمة عن الأوضاع السياسية لمنطقة فلسطين والساحل الكنعاني. فقد كانت هذه المنطقة تموج بالاضطرابات والنزاعات الداخلية الناجمة عن الغياب المفاجئ للقوة المصرية هنا، بسبب المشكلات الداخلية التي كان يواجهها إخناتون، وطموحات الحثيين لملء الفراغ المصري. وقد استغل الفرصة بشكل رئيسي الملك عازيرو، ملك مقاطعة آمورو (التي كانت تشغل منطقة طرطوس الحالية على الساحل، وامتدادات واسعة نحو الداخل)، فقام - بدعم وتحريض من مملكة حاتي - بمحاولة تقويض ما تبقى من النفوذ المصري في سوريا الجنوبية وفلسطين عن طريق مهاجمة الدويلات الموالية لمصر، بالتعاون مع جماعات العابيرو التي كانت تعيث فسادا في المنطقة. ولدينا عدد من الرسائل التي تشكو إلى الفرعون تعديات عازيرو وجماعات العابيرو المسلحة، ومنها هذه الرسالة التي بعث بها أمير أورشليم المدعو عبدي هيبة: «إلى الملك مولاي. هكذا يقول خادمك عبدي هيبة. انظر إلى ما فعله ملكيلو، وشوارداتا (من قادة العابيرو) بأراضي الملك. لقد دفعوا بقوات من جازر ومن جت ومن كيلة. أخذوا أراضي روبوتو، وأرض الملك صارت بيد العابيرو. فليصغ مليكي إلى خادمه عبدي هيبة ويرسل قوات تعيد الأراضي إلى الملك. وإذا لم تصل القوات فإن أراضي الملك ستغدو جميعا للعابيرو ...»
3
ولدينا رسائل مشابهة من ملوك جبيل ومجدو وشكيم وجازر وصور. تقول رسالة ملك صور: «إنني أحمي صور المدينة العظيمة من أجل مولاي الملك، إلى أن تصلني قواته فتهبني ماء لأشرب، وحطبا لأدفأ. وإني أحيطكم علما بأن زيميريدا ملك صيدون قد كتب مرارا إلى المجرم عازيرو بن عبدي عشيرته بخصوص كل ما سمعه من مصر. وها أنا قد كتبت إليك بكل ما يتوجب عليك معرفته.»
4
وتتقاطع النصوص الحثية مع النصوص المصرية بخصوص بعض أحداث المنطقة خلال هذه الفترة. فلدينا نص معاهدة حثية مع عازيراس (عازيرو) ملك آمورو، تؤكد لنا خضوعه لحاثي، وقيامه بخلق الاضطرابات في المنطقة لصالحها. نقرأ في المعاهدة: «أنا الملك الشمس قد جعلتك يا عازيراس تابعي، فإن صنت أرض ملك حاتي، سيدك، فإن سيدك سيقدم لك الحماية. عليك أن تحمي روح مليكك وشخصه وجسمه وأرضه، وملك حاتي سيقدم لك بالمقابل الحماية نفسها. ويتوجب عليك أن تدفع 300 شيكل من الذهب الخالص جزية سنوية ... (تعداد لبقية بنود المعاهدة). لقد ترك عازيراس ملك آمورو بوابة مصر، وصار مواليا للملك الشمس.»
5
نلاحظ من أسماء زعماء العابيرو في رسائل تل العمارنة أن بعضهم من أصل سامي، مثل ملكيلو (ملك-إيلو)، وبعضهم الآخر من أصل هندو-أوروبي، مثل شوارداتا ولابايو. وهذا يدل على الأصول المختلفة لجماعات العابيرو وعدم انتمائها إلى منشأ إثني عرقي واحد. إن الدراسة المتأنية لرسائل تل العمارنة تدل على أن العابيرو كانوا أشتاتا من الشرائح التي تعيش على هامش المجتمع، ولا تمارس دورا محددا في النشاط الاقتصادي لدويلات المدن المحلية. فقد تقدم خدمات عرضية لأهل المدن أو لأهل المناطق الزراعية، وقد تتحد في عصابات تمارس النهب والسرقة، أو تعمل جنودا مرتزقة في خدمة الملوك، شأنها في ذلك كله شأن الخابيرو، الذين تعرفنا عليهم من خلال سجلات ثقافة البرونز الوسيط في مملكة ماري وغيرها. وفي الحقيقة، فإن كلمة عابيرو هي المعادل في اللغة السامية الغربية لكلمة خابيرو في السامية الشرقية (الأكادية)؛ ذلك أن حرف العين في الكتابة الأكادية قد سقط من الاستعمال منذ زمن بعيد وحل محله حرف الخاء.
لقد حاول بعض الباحثين إيجاد صلة بين كلمة عابيرو وكلمة عبريم التوراتية التي تعني: عبراني، فاشتقوا الكلمتين من الجذر «ع ب ر» في اللغة السامية الغربية، والذي يعني: مر أو عبر، وذلك في محاولة لاختراع أصل في فلسطين لجماعات العبرانيين الذين استولوا على أرض كنعان حسب رواية سفر يشوع. ويعتقد أولبرايت، الذي يؤيد هذا الرأي، أن جماعة سفر الخروج من العبرانيين قد التقت في منطقة فلسطين الشرقية بالعابيرو القدماء، الذين بقوا في هذه المنطقة منذ فترة تل العمارنة، وتمازجت معهم عبر فترة من الزمن قبل أن يبدأ الهجوم العبراني الكاسح على دويلات المدن الفلسطينية.
6
أما الباحث لامكه
Página desconocida