Opiniones filosóficas en la crisis de la época
آراء فلسفية في أزمة العصر
Géneros
ولد جان بول سارتر في باريس في اليوم الحادي والعشرين من شهر يونيو من عام 1905م، وجده لأمه كان أستاذا للغة الألمانية في ليسيه هنري الرابع بباريس. ولا يمكن أن تكون البيئة العائلية المباشرة لسارتر علمية جدا؛ لأن أباه كان ملاحا لقي حتفه في الهند الصينية وسارتر لا يزال في المهد صبيا. وتلقى سارتر تعليمه في الليسيه بسانت روشل وفي ليسيه هنري الرابع، وتلقى تعليمه العالي في مدرسة المعلمين العليا، وفي عام 1928م ظفر بشهادة الأجريجاسيون في الفلسفة، وبعدئذ أصبح أستاذا في لاون، وفي هافر فيما بعد. وبعد ذلك بفترة وجيزة رحل إلى برلين ليدرس الفلسفة الألمانية المعاصرة. ولما عاد إلى فرنسا اشتغل بالتعليم مرة أخرى في ليسيه باستير في نويلي، ثم التحق بخدمة الجيش الفرنسي بخط ماجينو في عام 1939م، وأسر في يونيو من عام 1940م، وأعيد إلى وطنه في ربيع عام 1941م. واشتغل بالتعليم مرة أخرى حتى كان عام 1944م، حيث تخلى عنه ليكرس نفسه للأعمال الأدبية يفرغ لها كل وقته. وفي العام التالي قام بزيارة للولايات المتحدة. ولما عاد إلى الوطن مرة أخرى شرع يحرر «الأزمنة الحديثة»، وهي صحيفة كان أول ظهورها في خريف عام 1946م.
وربما كان أقوى الوثائق أثرا مما كتب سارتر بيانه البليغ الذي طبعه في المجلد الذي كتبه تحت عنوان «جمهورية الصمت»، والذي نشره أ. ج. ليبليج بعد انتهاء الحرب ببضع سنوات، في هذا الموقف النهائي الذي يختار فيه المرء بين أن يؤمن مع زملائه في المقاومة ويفقد حياته ولكنه يحتفظ بإنسانيته، وبين أن يخرج على إيمان زملائه، ويسلك الطريق التي يحتفظ فيها بذاته كشيء ما، لا كإنسان، في هذا الموقف يبين لنا سارتر أن مذهبه الوجودي ومذهب البطولة قد يعيشان جنبا إلى جنب ، وفي هذا يقول: «وهكذا عرضت لنا مشكلة الحرية، ووقفنا عند بداية المعرفة العميقة التي يمكن أن يبلغها الإنسان عن نفسه؛ لأن سر الإنسان ليس في مركب أوديب أو مركب النقص، إنما هو في حدود حريته وقدرته على مقاومة التعذيب والموت.»
وقد يظن أن إعجاب سارتر الظاهر بحركة سياسية معينة وانضمامه إليها يناقض فلسفته العامة، يقول أحد النقاد: «إن حبه للحرية وحبه لنظام سياسي واضح المعالم يتناقضان دائما ... إن سارتر نفسه يعاني من مصير أبطال قصصه الذين نراهم دائما عاجزين عن تحديد الجانب الذي ينضمون إليه.» وقد وهب سارتر مزاياه العقلية الكبرى للحزب الشيوعي الفرنسي في مناسبات عدة، ولكنه عومل - وربما كان ذلك بواقعية قاسية - كأنه حصان طروادة، أثمن من أن يمسه المؤمنون الصادقون.
ويقحم سارتر كتاباته في ميادين الميتافيزيقا والأخلاق والجمال والسير، وذلك بالإضافة إلى رواياته ومسرحياته. وقد أسهم بكثير من المقالات في الموضوعات السياسية والاجتماعية للمجلات الأدبية في فرنسا وأمريكا، ومؤلفه الفلسفي الأكبر هو كتابه الضخم «الوجود والعدم»، الذي نشر في فرنسا عام 1943م، وترجم إلى الإنجليزية في العام التالي. وخير مسرحياته هما المسرحيتان القصيرتان «الذباب» و«لا مخرج». وله سلسلة روايات بعنوان «الطريق إلى الحرية» بلغت الآن أربعة مجلدات. غير أن بعض من يدرسون إنتاج سارتر الأدبي لا يزالون يؤثرون روايته الصغيرة الأولى التي أعطاها عنوانا شائقا هو «غثيان»، ونشرها عام 1937م. ومن بحوثه الهامة التي نشرها في صورة مقالات «الوجودية والإنسانية» عام 1948م، و«ما هو الأدب؟» عام 1947م. (1) الوجودية الإلحادية
جان بول سارتر (1-1) اتهام الوجودية
أود بهذه المناسبة أن أدافع عن الوجودية ضد بعض التهم التي وجهت إليها.
اتهمت الوجودية أولا بأنها تدعو الناس أن يلزموا الهدوء يائسين؛ لأنه ما دامت الحلول مستحيلة، فمن الواجب علينا أن ننظر إلى العمل في هذه الدنيا باعتباره أمرا يستحيل تمام الاستحالة، وعلينا إذن أن ننتهي إلى فلسفة تأملية. وما دام التأمل ترفا، فإننا نبلغ في غاية الأمر فلسفة برجوازية. وقد وجه الشيوعيون على الأقل هذه التهم إلى الوجودية.
ثم اتهمنا أيضا من ناحية أخرى بإصرارنا على انحطاط الإنسان، وبإشادتنا في كل مكان بالخسيس والغامض والمبهم، مع إهمالنا للجليل والجميل، وللجانب المشرق من طبيعة الإنسان؛ فاتهمنا مثلا - وفقا لما ذكرته الآنسة مرسييه، وهي ناقدة كاثوليكية - بتجاهل ابتسامة الطفل. والطرفان يتهماننا بتجاهل التماسك البشري، وباعتبار الإنسان كائنا منعزلا. ويقول الشيوعيون: إن السبب الأساسي في هذا هو أننا نتخذ الذاتية الخالصة، أو مذهب ديكارت «إني أفكر»، نقطة للبداية، أو بعبارة أخرى اللحظة التي يعي فيها الإنسان وعيا كاملا معنى انعزاله. ويترتب على ذلك أنا نعجز عن العودة إلى حالة التماسك مع غيرنا من الناس، وهي حالة لا يمكن أن نبلغها في حالة الذاتية، حالة إيماننا بمذهب «إني أفكر».
كما أنا - من وجهة النظر المسيحية - نتهم بنكران حقيقة العمل الإنساني وجديته؛ لأنا - حينما ننبذ وصايا الله والحقائق الأبدية - لا يبقى لنا شيء سوى الهوى المطلق، حيث يسمح لكل امرئ أن يفعل ما يشاء، وحيث يعجز - من وجهة نظره - عن تقدير وجهة نظر الآخرين وما يعملون.
وسوف أحاول الآن أن أرد عن الوجودية هذه التهم، وسيدهش الكثيرون مما سوف أسوقه هنا بصدد الإنسانية، وسوف نحاول أن نرى بأي معنى تفهم الإنسانية. وعلى أية حال فإن ما يمكن أن يقال منذ البداية هو أنا نعني بالوجودية مذهبا يجعل الحياة الإنسانية ممكنة، مذهبا يعلن - فوق ذلك - أن كل حقيقة وكل عمل يتضمن موقفا إنسانيا، وذاتية إنسانية.
Página desconocida