296

Ar-Raheeq Al-Makhtum

الرحيق المختوم

Editorial

دار الهلال

Número de edición

الأولى

Ubicación del editor

بيروت (نفس طبعة وترقيم دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع)

Géneros

ثم مشى بالناس يومهم ذلك حتى أمسى، وليلتهم حتى أصبح، وصدر يومهم ذلك حتى آذتهم الشمس، ثم نزل بالناس، فلم يلبثوا أن وجدوا مس الأرض، فوقعوا نياما. فعل ذلك؛ ليشغل الناس عن الحديث.
أما ابن أبي فلما علم أن زيد بن أرقم بلغ الخبر جاء إلى رسول الله ﷺ، وحلف بالله ما قلت ما قال، ولا تكلمات به، وقال من حضر من الأنصار: يا رسول الله، عسى أن يكون الغلام قد أوهم في حديثه، ولم يحفظ ما قال الرجل، فصدقه، قال زيد: فأصابني هم لم يصبني مثله قط، فجلست في بيتي، فأنزل الله إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ إلى قوله: هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا إلى لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، فأرسل إليّ رسول الله ﷺ فقرأها عليّ، ثم قال: إن الله قد صدقك «١» .
وكان ابن هذا المنافق- وهو عبد الله بن عبد الله بن أبي- رجلا صالحا من الصحابة الأخيار، فتبرأ من أبيه، ووقف له على باب المدينة، واستل سيفه، فلما جاء ابن أبي قال له:
والله لا تجوز من ههنا حتى يأذن لك رسول الله ﷺ، فإنه العزيز وأنت الذليل، فلما جاء النبيّ ﷺ أذن له، فخلى سبيله، وكان قد قال عبد الله بن عبد الله بن أبي: يا رسول الله إن أردت قتله فمرني بذلك، فأنا والله أحمل إليك رأسه «٢» .
٢- حديث الإفك
وفي هذه الغزوة كانت قصة الإفك، وملخصها أن عائشة ﵂ كانت قد خرج بها رسول الله ﷺ معه في هذه الغزوة بقرعة أصابتها، وكانت تلك عادته مع نسائه، فلما رجعوا من الغزوة نزلوا في بعض المنازل، فخرجت عائشة لحاجتها، ففقدت عقدا لأختها كانت أعارتها إياه، فرجعت تلتمسه في الموضع الذي فقدته فيه في وقتها، فجاء النفر الذين كانوا يرحلون هودجها فظنوها فيه فحملوا الهودج، ولا ينكرون خفته، لأنها ﵂ كانت فتية السن لم يغشها اللحم الذي كان يثقلها، وأيضا فإن النفر لما تساعدوا على حمل الهودج لم ينكروا خفته، ولو كان الذي حمله واحدا أو اثنين لم يخف عليهما الحال، فرجعت عائشة إلى منازلهم، وقد أصابت العقد، فإذا ليس به داع ولا مجيب، فقعدت في

(١) انظر صحيح البخاري ١/ ٤٩٩، ٢/ ٧٢٨، ٧٢٩، وابن هشام ٢/ ٢٩٠، ٢٩١، ٢٩٢.
(٢) نفس المصدر الأخير، ومختصر السيرة للشيخ عبد الله النجدي ص ٢٧٧.

1 / 303