Ar-Raheeq Al-Makhtum
الرحيق المختوم
Editorial
دار الهلال
Número de edición
الأولى
Ubicación del editor
بيروت (نفس طبعة وترقيم دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع)
Géneros
خديجة إلى رحمة الله
وبعد وفاة أبي طالب بنحو شهرين أو بثلاثة- على اختلاف القولين- توفيت أم المؤمنين خديجة الكبرى ﵂، كانت وفاتها في شهر رمضان في السنة العاشرة من النبوة، ولها خمس وستون سنة، ورسول الله ﷺ إذ ذاك في الخمسين من عمره «١» .
إن خديجة كانت من نعم الله الجليلة على رسول الله ﷺ، بقيت معه ربع قرن تحن عليه ساعة قلقه، وتؤازره في أحرج أوقاته، وتعينه على إبلاغ رسالته، وتشاركه في مغارم الجهاد المر، وتواسيه بنفسها ومالها، يقول رسول الله ﷺ: «آمنت بي حين كفر بي الناس، وصدقتني حين كذبني الناس، وأشركتني في مالها حين حرمني الناس، ورزقني الله ولدها، وحرم ولد غيرها» «٢» .
وفي الصحيح عن أبي هريرة قال: أتى جبريل النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله ﷺ هذه خديجة، قد أتت، معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ ﵍ من ربها، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب «٣» .
تراكم الأحزان
وقعت هاتان الحادثتان المؤلمتان خلال أيام معدودة، فاهتزت مشاعر الحزن والألم في قلب رسول الله ﷺ، ثم لم تزل تتوالى عليه المصائب من قومه، فقد كانوا تجرأوا عليه، وكاشفوه بالنكال والأذى بعد موت أبي طالب، فازداد غما على غم، حتى يئس منهم وخرج إلى الطائف، رجاء أن يستجيبوا لدعوته أو يؤووه وينصروه على قومه، فلم ير من يؤوي ولم ير ناصرا، وآذوه مع ذلك أشد الأذى، ونالوا منه ما لم ينله قومه.
وكما اشتدت وطأة أهل مكة على النبي ﷺ، اشتدت على أصحابه، حتى التجأ رفيقه أبو بكر الصديق ﵁ إلى الهجرة عن مكة، فخرج حتى بلغ برك الغماد، يريد الحبشة، فأرجعه ابن الدغنة في جواره «٤» .
_________
(١) نص على موتها في رمضان من تلك السنة ابن الجوزي في التلقيح ص ٧، والعلامة المنصور فوري في رحمة للعالمين ٢/ ١٦٤ وغيرهما.
(٢) رواه الإمام أحمد في مسنده ٦/ ١١٨.
(٣) صحيح البخاري. باب تزويج النبي ﷺ خديجة وفضلها ١/ ٥٣٩.
(٤) صرح الشاه أكبر خان النجيب آبادي بأن هذه الوقعة كانت في هذه السنة انظر تاريخ إسلام ١/ ١٢٠، والقصة بطولها مروية في ابن هشام ١/ ٣٧٢، ٣٧٣، ٣٧٤، وفي صحيح البخاري ١/ ٥٥٢، ٥٥٣.
1 / 104