19
ميلاد زعقة منكرة وهم باللحاق به، فدوخه الجوع وسقط كومة في مكانه.
وكانت امرأة تشاهد عن الرصيف الآخر صراع بائسين من صبية الأزقة حول الرغيف، فرق قلبها وحركتها الشفقة حتى اندفعت إلى حيث الصريخ. مشت وهي تتعثر بأذيال فسطان أطول منها، تكوكي
20
وتخمع
21
كأن حذاءها ضيق، وقد كادت تسقط في حومة الطريق لو لم تتشدد.
وبعد ألف جهد وصلت إلى حيث يتكوم الولد المغلوب، فوقفت عليه وعيناها تتغرغران بالدموع، ثم كرجت على خديها حارة تكاد تحرقهما. وبعد هنيهة تأمل، لا يعلم أحد ما وفد فيها من ذكريات على مخيلة تلك المرأة، رأت نفسها تهتز للإحسان، مندفعة إليه، على قلة ما في جيبها من مال.
وأخيرا امتدت يدها إلى الولد فهزته، وقالت له وهي بين الوعي واللاوعي: قم يا ابني، تعال معي، أنا أعشيك.
فشق ميلاد عينيه وصاح: أمي!
Página desconocida