بادرت هذه المرأة السيدة كروس والسيدة كيد بأسلوب طبيعي بقولها: «حسنا، هل أحضرتما الأوراق؟»
أجابت السيدة كيد بأدب ظنا منها أنها تقصد الصحف: «أوه، إنها لا تصلنا سوى بعد الساعة الخامسة تقريبا.»
قالت السيدة كروس: «لا تعيريها انتباهك.»
قالت المرأة: «يجب أن أوقع عليها اليوم، وإلا فستقع كارثة. سيوقعونني في ورطة. لم أعرف قط أن ذلك مخالف للقانون.» تكلمت المرأة ببراعة وإقناع وثقة شديدة لدرجة أن السيدة كيد اقتنعت بأنها سوية، ولكن السيدة كروس كانت تسرع بكرسيها مبتعدة. فتبعتها السيدة كيد.
قالت السيدة كروس بعد أن أدركتها السيدة كيد: «لا تشغلي نفسك بهذا الهراء.» وفي تلك اللحظة، ابتسمت لهما مبتهجة امرأة ذات غدة درقية متضخمة لم تر مثلها السيدة كيد منذ سنوات. وكان الجميع في هذا القسم العلوي بلا أسنان.
قالت السيدة كيد: «حسبت أن تضخم الغدة الدرقية لهذا الحد قد اختفى في ظل استخدام اليود.»
كانتا تتجهان نحو صياح وصراخ.
قالت صاحبة الصوت: «جورج! جورج! جيسي! أنا هنا! تعاليا واصحباني لأعلى! جورج!»
كان هناك صوت آخر يتخلل هذه الصرخات بمرح ليقول: «سيئ، سيئ سيئ سيئ، سيئ سيئ، سيئ سيئ سيئ.»
كانت صاحبتا هذين الصوتين تجلسان حول طاولة طويلة بجوار صف من النوافذ في منتصف القاعة. وكان بجوارهما تسع أو عشر سيدات يجلسن هناك ؛ بعضهن يتمتم أو يغني بهمس لنفسه، وكانت هناك امرأة تمزق وسادة صغيرة مزركشة صنعها أحدهم، وأخرى تأكل آيس كريم مغطى بالشيكولاتة، فتعلقت كسرات من الشيكولاتة على وجنتيها، وسالت قطرات من الآيس كريم على ذقنها. لم تتطلع أي منهن من النافذة أو بعضهن على بعض. ولم تعر أيهن انتباها لصيحات «جورج وجيسي» و«سيئ سيئ سيئ»؛ تلك الصيحات التي استمرت دون هوادة.
Página desconocida