كان هذا هو الوضع في حالة آل تشادلي؛ عائلة أمي. لم تكن كل من إيزابيل وأيريس منتميتين بالاسم إلى آل تشادلي، ولكن كانت أمهما كذلك. كما كانت أمي منتمية إلى آل تشادلي، رغم أنها تنتمي الآن إلى آل فليمينج. أما فلورا ووينيفريد فلم تزالا منتميتين إلى آل تشادلي. وجميعهن انحدرن من جد ترك إنجلترا في شبابه لأسباب لم يتفقن عليها إلى حد ما؛ فقد كانت أمي تعتقد أنه كان طالبا في جامعة أكسفورد، ولكنه خسر كل الأموال التي أرسلتها عائلته له، فخجل من العودة لوطنه. لقد خسر أمواله في لعب القمار. كلا - حسب زعم إيزابيل - كانت هذه مجرد شائعة، وما حدث فعلا هو أنه ورط إحدى الخادمات في خطب ما واضطر إلى الزواج منها والذهاب بها إلى كندا. كانت عزب العائلة قريبة من كانتربري، حسب قول أمي. (حيث حجاج كانتربري، وأجراس كانتربري.) ولكن لم تكن الأخريان واثقتين من هذا؛ فقد قالت فلورا: إنهم كانوا يعيشون في غرب إنجلترا، وقيل: إن اسم تشادلي مرتبط بتشولموندلي؛ حيث كان هناك من يسمى باللورد تشولموندلي، وربما يكون آل تشادلي فرعا منتميا إلى هذه العائلة. ولكنها قالت إن هناك أيضا احتمالية بأن يكون الاسم فرنسيا، وكان أصله
Champ de laiche ، والذي يعني حقل البردي. في هذه الحالة، قد تكون العائلة قد قدمت على الأرجح إلى إنجلترا مع دخول ويليام الفاتح.
قالت إيزابيل: إنها ليست مثقفة، وإن الشخصية الوحيدة التي تعرفها في التاريخ الإنجليزي هي ماري ملكة اسكتلندا. وقد أرادت أن يخبرها أحد ما إن كان ويليام الفاتح قد جاء قبل ماري ملكة اسكتلندا، أم بعدها.
فقال أبي بلطف: «حقول البردي، لم يكن هذا ليجعلهم أثرياء.»
فردت أيريس: «حسنا، أنا لم أكن لأفرق بين البردي والشوفان. ولكنهم كانوا أثرياء بما يكفي في إنجلترا، وحسبما قاله جدي، فقد كانوا من الطبقة الأرستقراطية هناك.»
قالت فلورا: «هذا في السابق، كما أن ماري ملكة اسكتلندا لم تكن حتى إنجليزية.»
ردت إيزابيل: «خمنت هذا من الاسم، لقد أضحكتني.»
كانت كل منهن تعتقد - بغض النظر عن التفاصيل - أن العائلة قد تعرضت لانتكاسة كبرى، ونكبة غامضة، وأن في إنجلترا - بعيدا عن متناولهم - توجد أراض وبيوت وراحة وشرف. كيف يفكرن بغير ذلك وهن يتذكرن جدهن؟
لقد عمل موظفا بهيئة البريد - في فورك ميلز - وأنجبت له زوجته - سواء أكانت خادمة مغررا بها أم لا - ثمانية أطفال، ثم ماتت. وبمجرد خروج الأطفال الأكبر سنا إلى العمل والمساهمة في الإنفاق على البيت - إذ لم تكن هناك فائدة من تعليمهم - ترك الأب العمل. وكان شجاره مع مدير مكتب البريد هو السبب المباشر، ولكنه في الحقيقة لم يكن ينوي العمل لفترة أطول، وكان قد اتخذ قرارا بالبقاء في البيت ليعوله أبناؤه. وكان يتسم بروح الرجل النبيل، وكان كثير الاطلاع، وبليغ الخطاب وشديد الاعتداد بنفسه. ولم يتردد أبناؤه في إعالته، فانغمسوا في وظائفهم المتدنية، ولكنهم دفعوا أبناءهم - بعد أن اكتفوا بطفل أو اثنين لكل واحد، وكان معظمهم من البنات - للالتحاق بكليات إدارة الأعمال والمعلمين والتمريض. وكثيرا ما تحدثت أمي وقريباتها - اللاتي كن هؤلاء الأبناء - عن جدهن الذي اتصف بالعناد والأنانية، ونادرا ما تحدثن عن آبائهن المطحونين المحترمين. كن ينتقدن تكبره، وفي نفس الوقت يشدن بوسامته حتى بعد أن تقدمت به السن. كانت إهاناته للناس جاهزة ومطابقة للموقف، وانتقاداته لاذعة. وذات مرة - في تورونتو البعيدة، وفي الطابق الأرضي بإيتون في واقع الأمر - خاطبته زوجة صانع السروج القادمة من فورك ميلز، وهي امرأة بلهاء غير مؤذية، صائحة: «حسنا، أليس من الرائع أن أقابل صديقا قادما من وطني البعيد؟»
فقال الجد تشادلي: «سيدتي، أنت لست صديقتي.»
Página desconocida