42

Aqeedah of Loyalty and Disavowal - Al-Muqaddim

عقيدة الولاء والبراء - المقدم

Géneros

حرمة إقامة المسلم بين ظهراني المشركين
لما كان الإسلام هو دين العزة والقوة، فإنه قد أبى على معتنقيه أن يذلوا للكفار؛ ولذلك جاء المنع من الإقامة بين ظهراني غير المسلمين؛ لأن إقامة المسلم بين الكفار تشعره بالوحدة والضعف، وتربي فيه روح الذلة والاستكانة، وقد تدعوه إلى المهادنة لهم ثم متابعتهم في باطلهم، والإسلام يريد من المسلم أن يمتنع قوة وعزة، وأن يكون متبوعًا لا تابعًا؛ فيكون ذا سلطان ليس فوقه إلا سلطان الله ﷾.
لذلك حرم الإسلام على المسلم أن يقيم في بلد لا سلطان للإسلام فيه، إلا إذا استطاع أن يظهر إسلامه، ويعمل طبقًا لعقيدته دون أن يخشى فتنة على نفسه، وإلا فعليه أن يهاجر من هذا البلد إلى بلد يعلو فيه سلطان الإسلام، فإن لم يفعل فالإسلام قد تبرأ منه مادام قادرًا على الهجرة، ولا عذر له في ذلك، يقول الله ﷾: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ [النساء:٩٧ - ٩٩].
وقال ﷺ: (أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، لا تراءى ناراهما).
وقال ﷺ: (من جامع المشرك -يعني: اجتمع معه في بلده- وسكن معه فإنه مثله).
وقال ﷺ: (لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها).
وقال ﷺ: (برئت الذمة ممن أقام مع المشركين في بلادهم).
فالمقصود أن المسلم لا يقيم في دار حرب، وهي التي لا تعلوها أحكام الإسلام، لكن إن كانت دار إسلام تغلب عليها المسلمون، وجرى فيها حكم الإسلام، وإن كان كل أهلها غير مسلمين؛ فلا بأس أن يقيم المسلم بينهم، فقد استعمل النبي ﷺ عماله على خيبر، وكل سكان خيبر كانوا من اليهود؛ لأنها كانت حينئذ دار إسلام.

3 / 10