أيها الإخوان، والأولياء كثركم الله في طاعته، وجعل لكم الحظ الأوفر، من ولاية محمد وشفاعته فإني لما رأيت ميل أكثر الناس عن أهل البيت المطهرين صلوات الله عليهم أجمعين وما هم عليه من جحدان وراثة -أمير المؤمنين- نبيه وكونه وليه ووصيه وأولى الناس من بعده بالإمامة، وأحقهم بالزعامة دعاني ذلك إلى تأليف كتاب يشتمل على بيان هذا الباب فإياكم أن يعنتكم عن هذا المذهب الشريف، والدين الحنيف تحريف الضالين، وانتحال المبطلين؛ فإنما أنتم النمرقة الوسطى الذين حملهم آل محمد صلوات الله عليه وآله على المحجة البيضاء، أما علمتم أنكم أتباع الثقلين، وشيعة الأخوين جمعتم من الدين ما فرقه الناس، ولم يختم على قلوبكم الشك والإلتباس بل حفظتم رسول الله في عترته واستمسكتم بالوثقى من عروته، ولم تفصلوا بينه وبين أخيه ووصيه، ومنجز وعده، وقاضي دينه، ووليه، لم تجذبكم الأهواء المضلة عن الصواب، ولا خالطكم ما خالط الفرق من الشك والإرتياب فأنتم حماة الدين وأنصار الحق المبين { ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم}[الحديد:21]، فإياكم رحمكم الله أن تصغوا إلى القول بالإعتزال فتشركوا قريشا في وراثة الآل فشتان والله بين القوم. وكم بين اليقضة والنوم أين الثريا من الثرى، وأين المنسم من القرى أين العجز من الإستطاعة، بل أين المعصية من الطاعة، كم بين السعود والنحوس، وشتان بين الظلم والشموس، أين الغرق من النجاة، وأين المضلون من الهداة، وأين البدعة من السنة، بل أين النار من الجنة، أترضون بدلا عن آل محمد النبي بتيم وأميه وعدي في أي مذهب صحيح، وأي بيع ربيح إذا تطرحونه بين آل محمد الطيبين ذلك هو الخسران المبين هيهات أن تجدوا بهم بديلا، ولن تلقوا أهدى من سبيلهم سبيلا وفي ذلك أقول:
لم ينج في الكهف سوى عصبة .... فرت عن الدار وأربابها
ولا نجى في قوم نوح سوى .... سفينة الله وأصحابها
ألم يكن في المغرقين ابنه .... إذ غاب عن حوزه ركابها
وهل نجى بالسلم إلا الأولى .... رقوا إلى السلم باسبابها
أو أدرك الغفران من لم يلج .... بالأمس في الحطة من بابها
أعيذكم بالله أن تجمحوا .... عن عترة الحق وأحزابها
Página 5