[book 1]
[chapter 1: I 1] بسم الله الرحمن الرحيم أنولوطيقا الأولى، نقل تذارى المقالة الأولى 〈نظرية القياس〉
〈المقدمة. الحد. القياس وأنواعه. مقالة الكل واللاشىء〉
إن أول ما ينبغى أن نذكر هو الشىء الذى عنه فحصنا هاهنا والغرض الذى إليه قصدنا. فأما الشىء الذى عنه نفحص فهو البرهان، وغرضنا العلم البرهانى.
Página 103
ومن بعد ذلك فلنبين ما المقدمة، وما الحد، وما السلوجسموس، وأى السلوجسموسات كامل، وأيها غير كامل.
Página 104
ومن بعد ذلك: ما المحمول على كل الشىء، أو ليس بمحمول على شىء منه. فالمقدمة هى قول موجب شيئا لشىء، أو سالب شيئا عن شىء. وهى إما كلية، وإما جزئية، وإما مهملة. وأعنى بالكلى ما قيل على كل الشىء أو لم يقل على واحد منه. والجزئى ما قيل على بعض الشىء، أو لم يقل على بعضه، أو لم يقل على كل الشىء. والمهمل ما قيل على الشىء أو لم يقل عليه بعد أن لا يذكر الكل ولا البعض. وذلك كقولك إن علم الأضداد واحد، وكقولك إن اللذة ليست خيرا.
Página 105
والفرق بين المقدمة الأفودقطيقية وهى البرهانية، وبين المقدمة الديالقطيقية وهى الجدلية، أن البرهانية هى أحد جزئى التناقض، لأن المبرهن ليس يقصد للجدل، وانما يقصد لإثبات الحق. وأن الجدلية هى مسئلة عن جزئى التناقض. وليس بين المقدمة البرهانية والمقدمة الجدلية فرق فى أنه قد يكون من صنف كل واحد منهما سليجسموس. وذلك لأن المبرهن والسائل قد يقيس كل واحد منهما إذا أخذ شيئا مقولا، على شىء أو غير مقول، فيكون إذا على نحو ما قلنا المقدمة القياسية فى الجملة موجبة شيئا لشىء أو سالبة شيئا عن شىء. وتكون المقدمة البرهانية التى هى حق مأخوذة من الأوائل، وتكون المقدمة الجدلية أما للسائل فمسئلة عن جزئى التناقض؛ وأما للقائس فاستعمال الرأى المحمود كما قد بين فى كتاب «طوبيقا»، وهو كتاب صناعة الجدل. وسنقول فيما نستأنف من القول ما المقدمة، وما الفرق بين المقدمة القياسية والمقدمة البرهانية والمقدمة الجدلية، ونستقصى القول فى ذلك. وأما على حسب الحاجة فى هذا الوقت فقد نكتفى بما قلنا من ذا.
فالذى نسميه الحد هو ما إليه تنحل المقدمة، وذلك كالمقول. والذى يقال عليه المقول إما بزيادة ولا توجد، أو بانقسام يوجد ولا يوجد.
Página 107
فأما القياس فهو قول إذا وضعت فيه أشياء أكثر من واحد لزم شىء ما آخر من الاضطرار لوجود تلك الأشياء الموضوعة بذاتها.
وأعنى: «بذاتها» أن تكون لا تحتاج فى وجوب ما يجب عن المقدمات التى ألف منها القياس إلى شىء آخر غير تلك المقدمات.
والقياس الكامل هو القياس الذى ليس يحتاج فى بيان ما يجب عن مقدماته إلى استعمال شىء غيرها. والذى ليس بكامل هو الذى يحتاج فى بيان ما يجب عن مقدماته إلى استعمال شىء واحد أو أشياء مما هو واجب عن المقدمات التى ألف منها، غير أنها لم تكن استعملت فى المقدمة.
وإنما يقال إن الشىء مقول على الكل إذا لم يوجد من كل الموضوعة شىء لا يقال هذا عليه. وكذلك القول فيما لا يقال على شىء منه.
Página 108
[chapter 2: I 2] 〈عكس القضايا المطلقة〉
وكل مقدمة إما أن تكون مطلقة وإما اضطرارية وإما ممكنة. وكل واحدة من هذه إما أن تكون موجبة وإما سالبة. فالموجبة والسالبة كل واحدة منها إما أن تكون كلية وإما جزئية وإما مهملة.
ومن المقدمات المطلقة — فإن السالبة الكلية تنعكس بحدودها وكهيئتها لا محالة. فإنه إن كان لا شىء من اللذة خير، فلا شىء من الخير لذة. فأما الموجبة الكلية فإنها تنعكس أيضا لا محالة، غير أنها لا تنعكس كهيئتها كلية، ولكن جزئية. فإنه إن كان: كل لذة خير، فإن بعض الخير لذة.
Página 109
فأما المقدمات الجزئية فإن الموجبة منها تنعكس لا محالة جزئية، لأنه إن كان بعض اللذة خيرا، فبعض الخير لذة. وأما السالبة منها فليس لها انعكاس لا محالة، لأنه إن كان بعض الحيوان ليس بإنسان، فليس يكون بعض الناس ليس بحيوان. فلتكن أولا السالبة الكلية مقدمة ا (فرس) ٮ (إنسان)؛ فإن كان لا شىء من ا (إنسان) ٮ (فرس) فلا شىء من ا ٮ، لأنه إن كان بعض ا (فرس ) ٮ (إنسان) وكان ذلك البعض مثلا ح (الناس)، فإنه ليس بحق أن يقال إنه لا شىء من ٮ ا لأن ح هى بعض ا. وإن كانت كل ٮ ا فإن بعض ا ٮ، لأنه إن كان لا شىء من ا ٮ، فإنه لا شىء من ب ا، وقد كان الموضوع أن كل ٮ ا. وكذلك إن كانت المقدمة جزئية، لأنه إن كان بعض ٮ ا فإن بعض ا ب لا محالة، لأنه إن كان لا شىء من ا ٮ فلا شىء من ٮ ا. فإن كان بعض ٮ ليس ا فليس بالضرورة أن بعض ا ليس ٮ. كما أنه إن كان فى موضع ٮ: «حى»، وفى موضع ا: «إنسان»، فإنه: ليس كل حى إنسانا، وكل إنسان حى.
[chapter 3: I 3] 〈عكس القضايا ذوات الجهة〉
وكذلك يعرض فى المقدمات الاضطرارية، لأن الكلية السالبة تنعكس كلية. فأما الموجبتان فكل واحدة منهما تنعكس جزئية، لأنه إن كان باضطرار: لا شىء من ٮ ا فباضطرار: لا شىء من ا ٮ — لأنه إن جاز أن يكون بعض ا ٮ فقد يجوز أن يكون بعض ٮ ا. وإن كان باضطرار أن كل ٮ ا أو بعضها ا، فباضطرار بعض ا ٮ، لأنه إن كان بعض ا ٮ بلا اضطرار، فإن بعض ٮ ا بلا اضطرار.
Página 110
وأما السالبة الجزئية فلا تنعكس للعلة التى ذكرنا فيما تقدم.
فأما المقدمات الممكنة فلأن الممكن يقال على ضروب كثيرة: على الاضطرارى وعلى المطلق. وما هو فى باب الإمكان تكون المقدمات الموجبة فى جميع هذه الضروب التى يقال عليها الممكن تنعكس انعكاسا واحدا على مثال ما وصفنا، لأنه إن كان كل ٮ 〈هو〉 ا أو بعض ٮ 〈هو〉 ا بالإمكان، فإن بعض ا ٮ بإمكان، لأنه إن كان لا شىء من ا 〈هو〉 ٮ، ولا شىء من ٮ 〈هو〉 ا: وقد تبين ذلك فيما تقدم.
Página 111
فأما السالبات فليس انعكاسها على مثال ما تقدم. ولكن كل ما يقال إنه ممكن — مما هو باضطرار ليس بموجود أو مما هو بالإطلاق ليس بموجود — فإنه ينعكس على ما تقدم؛ مثل أنه إن قال قائل: ممكن ألا يكون أحد من الناس فرسا؛ أو قال: يمكن ألا يكون شىء من الثياب أبيض — فإن أحد هذين القولين باضطرار ليس بموجود. وأما الآخر فبالاضطرار وعلى نحو ما تقدم تنعكس المقدمة، لأنه إن كان يمكن ألا يكون واحد من الناس فرسا فممكن ألا يكون واحد من الخيل إنسانا. وإن كان يمكن ألا يكون شىء من البيض ثوبا، فإنه بالضرورة يكون بعض الثياب أبيض: وقد تبين ذلك مما تقدم.
فأما الجزئية السالبة فإن حالها فى الانعكاس على نحو ما وصف فيما تقدم. وأما ما يقال من الممكن على جهة الأكثر فى الأشياء الطبيعية على نحو تحديد الممكن فإنه لا ينعكس فى المقدمات السالبة على نحو ما تقدم، ولكن المقدمة الكلية لا تنعكس. وأما الجزئية فتنعكس. وسيتبين ذلك إذا نحن تكلمنا فى الممكن. وأما الآن فليكن الذى نبين مع ما قد قيل: إن قول القائل ممكن ألا يكون هذا فى شىء من ذلك ويمكن ألا يكون فى بعضه هو قول موجب. وذلك لأن قولك «ممكن» فى شكل قولك: «يوجد». وكل قول يضاف إليه: «يوجد»، فإنه موجب لا محالة: كقولك يوجد ليس بخير أو يوجد ليس بأبيض، وفى الجملة يوجد لا هذا. ونبين ذلك فيما نستأنف. وأما فى الانعكاس فهن شبيهات بتلك الأخر.
Página 112
[chapter 4: I 4] 〈القياس الحملى من الشكل الأول〉
فإذ قد حددت هذه الأشياء، فلنقل بأى، ومتى، وكيف يكون كل قياس. وبعد ذلك ينبغى أن نتكلم فى البرهان، لأن الكلام فى القياس أولى بأن يقدم من أجل أن القياس أعم من البرهان، لأن البرهان هو قياس ما، وليس كل قياس برهانا.
فإذا ما كانت الحدود الثلاثة مرتبة بعضها مع بعض على هذه الصفة، وهو أن يكون كل الأخير موجودا فى كل الأوسط، وكل الأوسط موجودا فى كل الأول أوغير موجود فى شىء منه، فمن الاضطرار أن يكون حينئذ من الرأسين قياس كامل، وأعنى بالأوسط الذى هو فى شىء وفيه شىء آخر، وهو فى المرتبة أيضا أوسط. والرأسان أحدهما فى شىء والآخر فيه شىء. ومثال ذلك أن ا إن كانت مقولة على كل ٮ وكانت ٮ تقال على كل ح، فمن الاضطرار أن تقال ا على كل ح. وقد وصفنا ما يقال على كل الشىء فيما تقدم.
Página 113
وأيضا إن كانت ا غير مقولة على كل شىء من ٮ وكانت ٮ تقال على كل ح، فإن ا لا تقال على شىء من ح.
فإن كان الأول فى كل شىء من الأوسط، والأوسط لا فى شىء من الأخير، فليس يكون من الرأسين قياس، لأنه لا يؤلف منها شىء باضطرار. وذلك أن الأول ممكن أن يكون موجودا فى كل الأخير وغير موجود فى شىء من الأخير، فليس يكون منهما قياس باضطرار، لا جزئى ولا كلى. فحدود الموجود فى الكل: الحى والإنسان والفرس؛ وحدود ما ليس بموجود فى شىء: الحى والإنسان والحجر. فالحياة فى كل إنسان، والإنسانية لا فى شىء من الخيل، والحياة موجودة فى كل الخيل؛ وأيضا الحياة فى كل إنسان، والإنسية لا فى شىء من الحجارة، فالحياة غير موجودة فى شىء من الحجارة. وكذلك إذا لم يوجد الأول فى شىء من الأوسط، ولا الأوسط فى شىء من الأخير، لا يكون قياس. فحدود الموجود فى الكل: النطق والفرس والإنسان، وما ليس بموجود: النطق والفرس والحمار. فإذا كانت الحدود كلية فى هذا الشكل الأول فقد بينا متى يكون قياس، ومتى لا يكون. وإذا وجد قياس، فمن الاضطرار أن توجد الحدود على ما وصفنا. وإذا وجدت الحدود على ما وصفنا، وجد القياس.
Página 114
وأما إذا وجد أحد الحدود كليا والآخر جزئيا، وكان الكلى هو الرأس الكبير: موجبا كان ذلك أو سالبا، وكان الجزئى هو الرأس الصغير وكان موجبا، فمن الاضطرار أن يكون قياس كامل. وأما إذا كان الكلى هو الصغير أو وجدت الحدود على غير ما وصفنا كائنا ما كان، فليس يمكن أن يكون قياس. والرأس الكبير هو المقول على الأوسط، والصغير هو المقول عليه الأوسط. ومثال ذلك أن ا موجودة فى كل ٮ، وٮ فى بعض ح. فإن كان ما قيل أولا فى الحدود الكلية جائزا، فمن الاضطرار أن تكون ا موجودة لبعض ح. وأيضا إن لم تكن ا موجودة فى شىء من ٮ وكانت ٮ موجودة فى بعض ح، فمن الاضطرار أن تكون ا غير مقولة على بعض ح.
Página 115
وقد حد القول فيما لا يقال على شىء، فيكون هذا إذا قياسا كاملا. — وعلى هذا المثال أيضا إن كانت ٮ ح مهملة غير محدودة وكانت موجبة، لأن القياس فى الجزئية والمهملة واحد: وذلك أنه إن كانت ا موجودة فى كل ٮ، وكانت ٮ فى ح وغير محدودة، فإن ا فى ح وغير محدودة. — وأيضا إن كانت ا غير موجودة فى شىء من ٮ، وكانت ٮ فى ح وغير محدودة، فإن ا لا فى ح وغير محدودة. فالقياس إذا سواء استعملت غير المحدودة أو الجزئية.
فأما إذا كان الحد الكلى هو الرأس الصغير: موجبا كان أو سالبا، وكان الرأس الأخير غير محدود أو جزئيا: سالبا كان أو موجبا، فليس يكون قياس. ومثال ذلك أن ا موجودة فى بعض ٮ، وٮ فى كل ح، فحدود الموجود فى الكل: الخير والقنية والحكمة، وما ليس بموجود فى شىء: الخير والقنية والجهل. وأيضا إن كانت ٮ غير موجودة لشىء من ح و ا موجودة لبعض ٮ أو غير موجودة للبعض أو غير موجودة للكل، فلن يكون من ذلك قياس. فحدود الموجود: الأبيض والفرس وققنس، وما ليس بموجود: الأبيض والفرس والغراب. وكذلك إذا كانت ا ٮ غير محدودة.
Página 116
لا ولا يكون القياس إذا كان الحد الكلى هو الرأس الكبير: موجبا كان أو سالبا، وكان الرأس الصغير سالبا جزئيا، ¬— كأن الشىء لا يوجد فيه الحد الأوسط: فقد يوجد فى جميعه الحد الأكبر ولا يوجد فى شىء منه. ومثال ذلك أن ا موجودة فى كل ٮ، وٮ غير موجودة لبعض ح أو غير موجودة لكل ح، فحدود ذلك: الحى والإنسان والبياض. ثم المأخوذ من البياض ما لا يقال عليه الإنسان؛ فليكن ذلك ققنوس والثلج. فالحى مقول على كل هذا، وغير مقول على شىء من ذلك، فلن يكون إذا قياس. — وأيضا ا غير موجودة فى شىء من ٮ، وٮ غير موجودة فى بعض ح، فحدود ذلك: غير النامى والإنسان والأبيض. ثم ليؤخذ من الأبيض ما لا يقال عليه الإنسان مثل ققنوس والثلج، فيصير غير النامى مقولا على كل هذا وغير مقول على شىء من ذلك؛ فلذلك لا يكون قياس. — ولأن الواضعة أن ٮ ليست بموجودة لبعض ح، فهى غير محدودة، لأنه جائز أن تكون التى ليست بموجودة لبعض ليست بموجودة لشىء بتة، أو ليست بموجودة لكله. وقد تبين فيما تقدم من القول أنه إذا كانت حدود كهذه الحدود ووضعت أنها ليست بموجودة لشىء منه، فلن يكون قياس. فبين أنه إذا كانت الحدود على هذه الصفة لم يكن قياس أيضا. — وقد يستدل على ذلك الذى تقدم من هذه: أنه لا يكون قياس وإن كان السالب كليا.
وأيضا إذا كان كلتا المقدمتين جزئتين: موجبتين كانتا أو سالبتين، أو إحداهما موجبة والأخرى سالبة، أو كانت إحدى المقدمتين جزئية والأخرى غير محدودة، أو كانتا جميعا غيرمحدودتين، فلن يكون قياس ألبتة. فالحدود العامة لجميعها: أما لما هو موجود فى الكل: فالحى والأبيض والإنسان؛ وأما لما ليس هو موجودا فى شىء: فالحى والأبيض والحجر.
فقد استبان أن جميع ما يوجد فى هذا الشكل من القياسات كاملة، لأن جميعها تبين من المقدمات المأخوذة فى القياس، وهى تلك المأخوذة فى البدء. وقد تظهر فى هذا الشكل القضايا كلها: وهى: الكل، ولا واحد، والبعض، ولا كل. فإنا نسمى ما كان كذك الشكل الأول.
[chapter 5: I 5] الشكل الثانى
Página 118
وإذا كان شىء واحد بعينه مقولا على شىء بكليته وغير مقول على آخر ألبتة، أو مقولا على كل شىء من كل واحد منهما، فإنى أسمى ما كان مثل هذا الشكل الثانى، وأسمى القول على كليهما: الأوسط، واللذين يقال هذا عليهما: الرأسين، وأفرض الكبير من الرأسين الموضوع عند الأوسط، والصغير البعيد من الأوسط، والأوسط متقدما فى الموضع على الرأسين. وليس يكون فى هذا الشكل قياس كامل ألبتة؛ وقد يوجد فيه القياس إذا كانت الحدود كلية، وإذا كانت غير كلية.
Página 119
فأما إذا كانت كلية، فإن القياس إنما يوجد إذا كان الأوسط فى كل أحد الرأسين: أيهما كان، ولا فى شىء من الرأس الآخر. فأما وجود القياس والحدود كلية على غير هذا فلن يكون. ومثال ذلك أن ٮ ليست موجودة فى شىء من ا وموجودة فى كل شىء من ح، فليست ا فى شىء من ح. ومن أجل أن ٮ مفروضة ليست فى شىء من ا والسالب الكلى يتكافأ فى الرجوع، فليست ا فى شىء من ٮ، وٮ مفروضة فى كل شىء من ح، فليس ا فى شىء من ح. وقد وضح هذا بما قدمناه من القول فى الشكل الأول. وأيضا إن كانت ٮ موجودة فى كل شىء من ا وغير موجودة فى شىء من ح، فإن ح غير موجودة فى شىء من ا لأن ح غير موجودة فى شىء من ٮ، وٮ موجودة فى كل ا. فليس ح فى شىء من ا، وقد رجع هذا أيضا إلى الشكل الأول. ولأن السالب الكلى قد يتكافأ، فتصير ا غير موجودة فى شىء من ح. فيكون هذا القياس هو الذى قبله بعينه.
〈ومن الممكن أيضا برهنة هذه النتائج بالرفع الى المحا〉.
فقد تبين أن القياس موجود إذا كانت الحدود على ما قلت. ولكنه ليس بكامل لأنه لا يتم بالمفروضة فى البدء، ولكن بآخر يوجد باضطرار من الآتى فى البدء. فإن قيلت ٮ على كل شىء من ا ومن ح، فلن يكون قياس. فحدود الموجود: الجوهر والحى والإنسان — وغير الموجود: الجوهر والحى والحجر؛ والأوسط منهما الجوهر. — وكذلك لا يكون قياس إذا لم تكن ٮ مقولة على شىء من ا، ولا من ح. فحدود الموجود: الخط والحى والإنسان — وغير الموجود: الخط والحى والحجر. فقد وضح أنه إذا كانت الحدود كلية ووجد القياس، فمن الاضطرار أن تكون الحدود على ما وصفنا. وإن كانت الحدود على غير ما وصفنا لم يكن قياس باضطرار.
Página 120
فأما إذا كان الأوسط كليا عند الرأس الكبير منهما: موجبا كان ذلك أو سالبا، وكان الصغير جزئيا، وكان أيضا مخالفا للكبير فى شكله (أعنى إن كان الكبير موجبا، كان الصغير سالبا، وإن كان الكبير سالبا كان الصغير موجبا) فمن الاضطرار أن يكون قياس جزئى. مثال ذلك أنه إن كانت ٮ غير موجوده فى شىء من ا، وموجودة فى بعض ح، فمن الاضطرار أن تكون ا غير موجودة فى بعض ح، لأن ا غير موجودة فى شىء من ٮ، وٮ فى بعض ح، فلن يوجد ا فى بعض ح: فرجع هذا القياس أيضا إلى الشكل الأول.
وأيضا إن كانت ٮ موجودة فى كل شىء من ا وغير موجودة فى بعض ح، فمن الاضطرار أن تكون ا غير موجودة فى بعض ح. فإن لم يكن كذلك فلتكن إذا ا موجودة فى كل ح، وقد فرضت ٮ موجودة فى كل ا. فقد وجب إذا أن تكون ٮ موجودة فى كل ح، وقد كان فرض أن ٮ غير موجودة فى بعض ح. وأيضا إن كانت ٮ موجودة فى كل ا وغير موجودة فى كل ح فقد يكون قياس أن ا غير موجودة فى كل ح. والبرهان على ذلك مثل الذى قبله. فإن كانت ٮ غير موجودة فى كل ا وموجودة فى كل ح، لم يكن قياس. فحدود الموجود: الحى والجوهر والغراب — وحدود غير الموجود: الحى والأبيض والغراب. ولن يكون القياس أيضا إذا كانت ٮ موجودة فى بعض ا غير موجودة فى شىء من ح. فحدود الموجود: الحى والجوهر والحجر — وحدود غير الموجود: الحى والجوهر والعلم.
Página 121
وأما إذا كان الكلى من الرأسين مخالفا الجزئى فى شكله، فقد تبين متى يكون قياس، ومتى لا يكون. فأما إذا كانا متشابهين فى الشكل، وذلك أن يكونا جميعا سالبين أو موجبين، فلن يكون قياس ألبتة. فليكونا أولا سالبين، وليكن الكلى هو الرأس الكبير، فتكون ٮ غير مودجودة فى شىء من ا وغير موجودة فى بعض ح، فلن يكون قياس، لأنه قد يستطاع أن تكون ا موجودة فى كل ح وغير موجودة فى شىء منها. فحدود غير الموجود: الأسود والثلج والحى، وأما حدود الموجود فى كل فلن يوجد، إذ صارت ٮ غير موجودة فى بعض ح. وقد يجوز أن يوجد فى بعض. ولو كانت ا توجد فى كل ح وقد فرضت ٮ غير موجودة فى شىء من ا لكانت ٮ غير موجودة فى شىء من ح، ولكن ٮ قد يجوز — إذ كانت ٮ مفروضة غير موجودة فى بعض ح — أن تكون موجودة فى بعض ح، وألا تكون موجودة فى شىء منها. فلن يستطاع أن يؤتى بحدود الموجود فى كل، ولكن يعرف أنه لا يكون قياس من قبل أنها غير محدودة، لأنه قد يجوز أن تكون ٮ موجودة فى بعض ح وغير موجودة فى شىء منها. وهى إذا لم تكن فى شىء منها لم يكن قياس. فبين أنه لا يكون الآن أيضا قياس باضطرار.
Página 122
فليكونا موجبتين وليكن الكلى هو الرأس الكبير أيضا فتكون ٮ موجودة فى بعض ح فلن يكون قياس، لأنه يستطاع أن تكون ا موجودة فى كل ح وغير موجودة فى شىء منها. فحدود غير الموجود: البياض وققنس والحجر. فأما الموجود فى كل شىء فلا سبيل الى أن يؤتى بها للسبب الذى ذكرنا بعينه. ولكن يستبين ذلك من أنها غير محدودة. فإن كان الكلى هو الرأس الصغير وكانت ٮ غير موجودة فى شىء من ح وغير موجودة فى بعض ا، فقد يستطاع أن يوجد ا فى كل ح وألا يوجد فى شىء منها. فحدود الموجود: الأبيض والحى والغراب؛ وما ليس بموجود: الأبيض والحجر والغراب. — وكذلك لا يكون قياس إذا كان الرأسان موجبين، فحدود الموجود: الأبيض والحى والققنس، وما ليس بموجود: الأبيض والحى والثلج.
فقد وضح أنه إذا كانت المقدمتان متشابهتين فى هذا الشكل وكانت إحداهما كلية والأخرى جزئية، أنه لا يكون قياس ألبتة؛ لا ولا يكون أيضا إذا كانت الأوسط موجودا فى البعض فى كل واحد من الرأسين أو غيرموجود فى البعض من كل واحد منهما، أو موجودا فى البعض من أحدهما وغير موجود فى بعض الآخر أو غير محدود. وحدود الموجود العامة فى كلها: الأبيض والحى والإنسان — وحدود غير الموجود: الأبيض والحى وغير النامى.
Página 123
فقد وضح مما قلنا أنه إن وجد القياس فمن الاضطرار أن توجد الحدود على ما وصفنا. وإن وجد فى الحدود كذلك فمن الاضطرار أن يكون قياس. وقد عرف أن كل قياس يكون فى هذا الشكل فهو غير كامل، وإنما يكمل إذا ألحق فيها أشياء: إما مما يوجد باضطرار من الحدود الموضوعة، وإما من شريطة توضع عند استعمال البرهان على جهة الخلف. وقد عرف أنه لا يكون فى هذا الشكل قياس موجب، ولكن كلها سالبة: الكلية منها والجزئية. [انقضى الشكل الثانى].
[chapter 6: I 6] 〈الشكل الثالث〉
فإن كانا جميعا مقولين على شىء واحد بعينه أحدهما موجود فى كله والآخر غير موجود فى شىء منه، أو كلاهما موجودين فى كله أو غير موجودين فى شىء منه، فإنى أسمى هذا الشكل الثالث. — والأوسط هو الذى يقالان عليه؛ والرأسان 〈هما〉 المقولان؛ والكبير منهما أبعد من الأوسط، والصغير أقربهما منه، والأوسط يوضع خارجا من الرأسين أخيرا فى الوضع. — وليس يكون فى هذا الشكل أيضا قياس كامل؛ وقد يمكن أن يكون فيه قياس إذا ما كانت الحدود عند الأوسط كلية أو غير كلية.
Página 124