فهل المنتدبون علينا وعلى إخواننا في الأقطار العربية الأخرى عادلون وديعون صريحون صادقون؟
وهل تظن أن الشاعر والفيلسوف يختلفان في الجواب على هذا السؤال؟
خذ الثانية الكبرى من حقائق هذه الانتدابات، المنتدبون مسيحيون، وهم يضربوننا كل يوم على الخد الأيمن ضربات وثنية، ونحن أبناء هذه البلاد مسيحيين كنا أو دروزا أو مسلمين، ندير لهم الخد الأيسر كل يوم.
فمن هو المسيحي الصادق يا ترى؟
وهل من الحكمة أو من العدل أو من الدين بشيء أن نظل من هذا القبيل مسيحيين، وأصحاب الانتداب لا يهمهم من المسيحية غير «أخذ الرداء» والصفع على الخد الأيمن؟
وهل يصلح للجهاد في سبيل الحرية والاستقلال والعزة القومية، من ألف الصفع والسكوت أو الصفع والبكاء، وتعلم أن يقبل اليد التي لا يستطيع أن يكسرها.
هذا سؤال آخر لا أظن أن الشاعر والفيلسوف يختلفان في الجواب عليه.
وإذا كان الجواب واحدا، فهلا يجب أن يكون العمل بموجبه واحدا كذلك؟
وإذا تألم الفيلسوف لهذه الحال المحزنة المخزية، الكائنة بين أصحاب القوة والباطل والمسيحية الكاذبة وبين الضعف والحق والمسيحية الصادقة، أفلا يجب أن يتألم الشاعر، ويتألم - وهو الرقيق الشعور - ضعف آلام الفيلسوف!
هو السؤال الذي يقف بنا عند النقطة الجوهرية الثانية من هذه المناظرة - عند الألم.
Página desconocida