وأعيش في دنيا التفاؤل ناسيا
دنيا تفيض قساوة وعداء !
ولم يخدم الأدب والشعر في هذه الأيام أحد بمثل ما خدمهما ذلك الشاعر، فلقد أنشأ مجلة (أپولو) وجعلها منبرا حرا للشعر والدراسات الشعرية، فأوجد بذلك نهضة في الشعر حرية بالالتفات إليها، كما كشف لنا عن أكثر من خمسين شاعرا، كانوا لولاه سيظلون مغمورين مجهولين، لا يحس بهم أحد، ولا يعلم من أمرهم شيئا. وأكثر من هذا أنه كان وما زال ينشر الأبحاث ناظرا لأهميتها دون أصحابها، وكثيرا ما كان ينشر الأبحاث لأعدائه، يذمونه فيها ويعيبون طريقته، وكثيرا ما كان يؤثر هذه الأبحاث على أبحاث أخرى ترد إليه وكلها مدح فيه، واستحسان لطريقته ومذهبه، فقل لي بربك من رئيس التحرير هذا الذي ينشر لخصومه سهامهم المفوقة إليه؟ أما أنا فلا أعلم أن أحدا من رؤساء التحرير بلغ به النبل أو التسامح إلى هذا الحد، ولكني أعلم أنهم يفرقون كل الفرق من النقد الخفيف يوجه إليهم، كما أعلم أنهم لا يتورعون عن أن ينشروا كل كلمة من مدح أو استحسان تصاغ فيهم، حتى ولو كان صاحبها يقصد بها إلى المداعبة والسخرية من طرف خفي.
ذلك هو شاعرنا المتجدد أبو شادي في كلمات قصار. وأعود الآن بك أيها القارئ إلى ديوانه الأول (أنداء الفجر) بعدما تشعب بنا وبك الحديث، فالكلام عن هذا الديوان هو الغرض الأول وبيت القصيد، ولعل الذي حفز الشاعر إلى إعادة إخراج هذا الديوان من جديد هو تحقيق رغبة حبيبته الأولى «زينب» صاحبة هذا الديوان، وموحية فرائده، والتي يهدى إليها الديوان في قصيدة رائعة مؤثرة منها:
ربع قرن مضى وهيهات تمضي
شعلة الحب عن وثوب وومض
لم أزل ذلك الفتى في جنوني
وفؤادي في نبضه أي نبض
ذكريات الهوى وأشباحه النشوى
أمامي في كل صحو وغمض
Página desconocida