فأجبت في زهو: أشكرك، ولكنها المشاغل.
وبدأنا نتحدث قليلا ونتساءل عن الأحوال كما جرت العادة، وتعمدت أن أسأله عن صحة الأسرة والآنسة الكريمة، وقلت له مجاملا في آخر حديثي: أنا مدين لك بكل ما وصلت إليه.
ونظرت إلى وجهه فاحصا لأرى أثر كلمتي.
ولا شك أن كلمتي استرعت سمعه، فإنه رفع حاجبيه لمدة لحظة قصيرة، ثم أسرع إلى تملك نفسه وعاد وجهه هادئا باسما.
فمضيت أقول متعمدا: جعلتك مثالا لي وعزمت على أن أبدأ حياة جديدة كما بدأت أنت، كان عندي عشرون جنيها وعزمت على الإتجار بها، وقد جئت إليك اليوم بخمسين قنطارا من القطن الجيد.
وقدمت إليه العينة التي كانت معي.
فأخذها السيد وجعل يقلبها بأصابعه ويفحص تيلتها، وكانت ملامح وجهه تدل على الاهتمام الشديد.
وقال في نغمة تشجيع: حسن جدا، قطن طيب، ولكن فيه بعض الوسخ، بكم اشتريته؟
فتبسمت في سري ولم أجب بل سألته: كم يساوي؟
فضحك عند ذلك بغير تحفظ قائلا: لقد أصبحت تاجرا ماهرا. حسن جدا يا سيد أفندي. هكذا يكون التاجر الحكيم الذي لا يكشف لأحد عن أوراقه؛ ولهذا سأعاملك معاملة الند للند، تاجر مع تاجر بغير تعطف ولا مجاملة.
Página desconocida