178

ورأيتهما يقفان من بعيد عند باب دكان فول مدمس ويتوشوشان، لست أدري أكانا يتآمران على سرقة رغيف أم كانا يتناجيان برائحة الفول الذكية؟ وسأسأت لهما وناديت بأعلى صوتي قائلا: اسمع يا ولد! يا بنت!

فتلفتا حولهما في فزع، ولكنهما لم يعرفا أين أنا حتى أشرت لهما بيدي من بين القضبان، فأقبلت الفتاة نحوي مترددة وبقي الولد بعيدا ينظر إليها مترقبا، فلما صارت على الرصيف المقابل للنافذة قذفت إليها بقرشين وقعا تحت قدميها وقلت لها: اجري افطري وقولي لصاحب دكان الفول يبعت لي طبق فول بزيت ورغيف وسلطة، هنا في القسم، هنا!

فتبسمت مرتاحة وهزت رأسها وأسرعت إلى الصبي فأخذته معها ودخلت معه إلى الدكان، وبعد قليل جاء صاحب الدكان ليسألني عما أريد فقلت له: أنا هنا محبوس في القسم وأريد أن أفطر؛ طبق فول بزيت وسلطة ورغيف.

فقال: والعساكر؟

فقلت: سلم الأكل لأحدهم واتركه معه.

وقذفت إليه بقطعة فضية ذات خمسة قروش، فاقتنع وذهب.

وبعد قليل فتح الباب ودخل الشرطي العابس يأمرني بالذهاب إلى المحكمة.

فقلت له: لم أفطر بعد.

فقال في جفاء: هل هنا مطعم؟

فقلت: لا. هنا قسم بوليس، هل حضرة الضابط هنا؟

Página desconocida