فقلت في مرارة: نذل آخر، لا شك أنه لم يكن في تمام عقله.
فقال ضاحكا: بل كان في تمام عقله؛ لأنه عرف مصلحته.
فقلت: إنها سخرية. عبث دنيء وإهانة للشعب الذي كنا نتحمس له، هل كنا نخدع الناس ونهزأ بهم عندما كنا نتحدث إليهم، لست أدري ماذا حمل ذلك الأحمق على هذا التنازل.
فقال في سخرية: كان تعويضه عظيما.
وامتلأت غيظا لقول صاحبي كأنه هو الذي تنازل عن الترشيح.
وصحت به: أي تعويض؟
فأجاب باسما: التعويض عن رسوم الانتخاب وعن الأضرار التي أصابته في هدم السرادق وعن أتعاب أنصاره الذين كانوا يقومون بالدعاية لترشيحه.
فقلت حانقا: النذل! أتعاب أنصاره ؟ هل نحن هؤلاء الأنصار؟ أكان العجمي يستأجرنا للدعاية؟ ألم يدفع له أهل المدينة تأمين الانتخاب؟ ألم نجمع نحن فيما بيننا أجرة السرادق؟ هل قال حقا إنه كان يدفع أجرا للأنصار الذين كانوا يساعدونه بالدعاية؟
فقال كأنه يريد غيظي: طبعا، وهذا ما يقوله الناس جميعا. هل يظن أحد أن هناك حمقى يساعدون مرشحا لوجه الله تعالى؟
وكنت أزيد غليانا كلما رأيته يضحك ساخرا، ولكني كدت أنفجر غيظا عندما استمر قائلا: واعلم أيضا يا سيدي العزيز أن محمد باشا خلف تنازل هو الآخر للسيد أحمد جلال، أما تزال تريد أن تخوض المعركة؟
Página desconocida