المصدوق ﷺ (١) -.
والأمر الآخر أنَّ الرجل هدم - والحمد لله - جُلَّ رسالته - بقلمه -، في فصل أخير عقده فيها بعنوان: "هل لحديث العرباض شواهد؟ "، ثم أفاض في ذكر الشواهد الصحيحة لأكثر فقرات الحديث (ص ١٤٠ - ١٥٧)، وانتهى إلى التسليم بصحة الحديث؟ إلاّ فقرتين، إِحداهما: "فعليكم بسنتي"، والأُخرى: "عَضُّوا عليها بالنواجذ"؛ وهي التي احتجَّ بها ابن القيم، وعلّق عليها (الهدَّام) هذا التعليق الأسود، واحتجَّ بها - أيضًا - بعض العلماء على حجيّة إجماع الخلفاء، كما حكاه شيخ الإسلام ابن تيميّة، وأيَّده بهذا الحديث، فقال في "مجموع الفتاوى" (٢٨/ ٤٩٣):
"وهذا حديث صحيح في "السنن" ... ".
وإِنَّ من جَنَفِ هذا (الهدّام)، وَبَغْيهِ على السُّنَّة المطهّرة: أنَّه لما رأى أنَّه يشهد لها قولُه ﷺ: "اقتدوا باللَّذين من بعدي؛ أبي بكر وعمر" ضعَّفه أيضًا، مع أنَّه خرَجه (ص ١٤٧ - ١٥٣) عن أربعة من الصحابة: ابن مسعود، وابن عمر، وحذيفة، وأنس ﵃، وضَعَّفها كلّها بأسلوبه (الفذّ)! ولو أنَّه كان على علم بالسنّةِ وانتصار لَهَا؛ لعلم أنَّه لو سُلِّم له بضعْف مفرداتها، فإِنَّ مجموعها يدل على أنَّ للحديث أصلًا أصيلًا، فكيف وبعضها قويٌّ لذاته - كما بينته في "الصحيحة" (١٢٣٣) -، ومنه استفاد أحاديثهم، ولكنه كعادته قد نصب نفسه للمعاكسة والمعاندة، فضعَّفه.
ثم زاد - ضِغثًا على إبّالة - فنقل (ص ١٥٣) عن الحافظ ابن حجر أنَّه ذكر في "التلخيص" (٤/ ١٩٠) للحديث عِلَة أخرى، وهي أن رِبعيًا لم يسمع