18
ولدت منيرة لزوجها طفلة فرح بها نادر وكأنما حدث أمر لم يكن ينتظره. ولم يفكر أنه لم ينجب طفلا بدلا من طفلة، ولم يفكر أن الوقف لا بد له من فتى لتظل نظارة الوقف في الأسرة. وأصبح لا يعرف ماذا يفعل ليعبر عن هذه الفرحة، فهو يقضي معظم أوقات يومه مع الوليدة نادية يداعبها ويضحك من كل ما تفعله.
أحضر المصورون فصوروها وصوروا أمها وصوروا الأسرة، وفي مرة بينما وقف يرقب المصور وهو يلتقط لمنيرة ونادية أخذ بالمنظر وأحس تلك الخفقات من الفرح التي يحسها الشاب الصافي حين يجد زوجته جميلة وابنته جميلة. وخيل لنادر أن هذه الصورة لوحة لا بد أن يسجلها فنان لا عدسة، وسرعان ما طلب من صالح أن يستدعي له أعظم رسام وجوه في العالم. وكان صالح يستطيع دائما أن يعرف ما يريد معرفته، وقد كان أعظم مصوري الوجوه شابا إيطاليا شهيرا سرعان ما أرسل صالح يستدعيه. وجاء الرسام شاب وسيم عذب الحديث أنيق التصرفات في غير تكلف ولا افتعال.
وقدم نادر زوجته وابنته إلى الرسام فأبدى إعجابا شديدا بهما، بل وأبدى سعادة أنه سيقوم برسمهما. وبطبيعة نادر الصافية لم يتصور أن فيما قاله الرسام شيء من المجاملة. - متى تبدأ عملك؟ - مع هذا الجمال وهذا الطهر أتمنى أن أبدأ في هذه اللحظة. - وأطلق نادر ضحكته العظيمة: عظيم، عظيم، إذن تبدأ. - الآن.
وصاحت منيرة: طبعا لا.
ونظر الرسام إلى نادر: أرأيت؟ كنت أعرف أنها ستمانع. - كيف عرفت؟ - إذا بدأت غدا أو بعد غد أكون سعيدا. - لماذا كل هذه السرعة؟ - إن السيدة تريد طبعا أن تختار الفستان الذي ترسم به، وتختار أيضا ملابس للمدموازيل.
وأطلق نادر ضحكته وقد أضيف إليها عنصر الفرح أن يطلق على نادية لقب مدموازيل. وأكمل الرسام حديثه مع ابتسامة عذبة: نعم ملابس للمدموازيل تكون مناسبة لفستان السيدة. - إذن فلن تبدأ قبل أسبوع.
وضحكت نادية. - أعدك أن تبدأ بعد أسبوع تماما.
ونظر أنطونياني إلى الباشا: أرأيت؟ - أنت خبير. - إنني أعرفهن. - هل عندك مانع أن تزور القاهرة في هذه الفترة وتتعرف عليها؟ - إنني أتمنى. - أهي المرة الأولى التي تأتي فيها إلى مصر؟ - أرجو ألا تكون الأخيرة. - إذن فأنا أدعوك لزيارة مصر جميعا في هذا الأسبوع. - هل يمكن ذلك؟ - حتى لو استغرق هذا أكثر من أسبوع فلا يهم.
وتقول منيرة: وتكون فرصة لأحسن الاختيار والتفصيل.
Página desconocida