وإذا امتنع المستحق في النظارة عن النظارة لسبب أو لآخر، تنتقل إلى المستحق بالطريق سالف الذكر. ويشترط فيمن يكون ناظرا للوقف أن يكون كامل الأهلية طيب السمعة حسن السير والسلوك. وقد وقع سعادتلو أفندم حضرة صاحب السعادة عزت باشا إبراهيم هذه الوقفية وهو في كامل قواه العقلية وفي كامل صحته، أسبغ الله عليه أثواب العافية ومتعه بالصحة والعافية ومد الله في عمره. آمين.
الواقف
عزت إبراهيم
2
القصر جبل من ضياء، والعربات تفد إليه ليخرج منها الماس الخاطف والملابس الثرية، ما إن تمضي عربة بخيولها حتى تأتي بعدها أخرى، والحفل نشوة، والأنفاس عطر، والأجساد نور، والضحك موسيقى، والدنيا غناء.
نامق بك إبراهيم يترجل من العربة رفيع السمات واثق الحركة، لا يفكر في الديون التي يرزح تحتها ما دام واثقا أن عمه ناظر الوقف سيعطيه آخر العام ما يقيم مثل هذه الحفلات حتى يصبح من الطبيعي أن يدعى إلى هذه الحفلات، إنه لا يفكر، فما دامت قدماه قد أصبحتا داخل الحفل فلا تفكير إذن إلا في الحفل.
النظرات تستقبله، وما تلبث الأيدي أن تعجل إليه؛ فكل من في الحفل يحب أن يكون على أحسن صلة به. وهو يجيب التحية في كبرياء غير متكلف؛ فقد تعلم الكبرياء منذ تعلم كيف يسير وكيف يأكل وكيف يعامل الناس؛ نوع من الكبرياء لا يغضب وإنما يثير الإكبار، ولا يجرح وإنما يجعل الناس يحبون أن يكونوا على معرفة به.
وحين يفرغ نامق بك من التحايا ينفض الحفل جميعه بعينيه العميقتين وقد ازداد التماعهما تألقا.
إنه يبحث، وما هي إلا ومضة وأخرى حتى تعرف قدماه إلى أين يجب أن يتجه.
نازك، تمد إليه اليد وترنو إليه بهذه النظرة الواعدة والتي ينتظر منها دائما أن تفي بالوعد، لا يغيب عن حفل هي ذاهبة إليه، منذ شهور يلاحقها في الحفلات وهي تحب منه هذه الملاحقة وترضى عنها، وتعد بعينيها وعودا كثيرة تعرف أنها تصل إلى حيث تريد لها أن تصل. فما لاحقها إلا حين أحس أنها تدعوه بهذه النظرات إلى هذه الملاحقة.
Página desconocida