بسم الله الرحمن الرحيم
كتبت من خط أبي العباس بن الفرات. وأخبرني الشيخ أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي، قرئ عليه وأنا أسمع. قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد بن يوسف العلاف، قراءة عليه، فأقر به. قال: حدثني أبي ﵀؛ قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمران بن موسى الحذاء، قراءة عليه في جامع المدينة، يوم الجمعة بعد الصلاة، سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، في شهر رمضان. قال: حدثنا أبو علي الحسن بن عليل العنزي. بسر من رأى. قال: حدثنا أبو علي إسماعيل بن أبى محمد يحيى بن المبارك اليزيدي، في سنة ثلاث وستين ومائتني، بسر من رأى، في دار سليمان بن وهب. قال: أخبرني المؤرخ بن عمرو السدوسي أبو فيد؛ قال: ١ - العرب تقول: " اقدح وأنت مسترخ، اقدح بدفلى في مرخ ".
قال: بلغ من كثرة نار المرخ، أن الريح تهب، فيحك بعضه بعضًا فيورى، تخرج منه النار. ومثله العفار والدفلى. قال الأعشى:
زِنَادُكَ خَيْرُ زِنَادِ المُلُو ... كِ وَافَقَ مِنْهُنَّ مَرْخٌ عَفَارَا
وَلَوْ كُنْتَ تَقْدَحُ في صَخْرَةٍ ... بِنَبْعٍ حَصَاةً لأوْرَيْتَ نَارَا
والنبع أقل الشجر نارا. والزند: عود مثل السواك، يفرض له في الزندة، وهي عود إصبعان، فيفرض له فيه، حتى يتمكن العود الأعلى، الذي يقال له: الزند، في الزندة الأسفل، فيقدح له في الفرض، فيأكل كل واحد منهما صاحبه، حتى يحترق طرف الزند، وما مس من الزندة، وينقص الأعلى حتى لا يستطاع أن يقدح به؛ وذلك إذا ألح عليهما القادح، وكثر استعماله إياهما. قال ابن حرد التغلبي:
يُعَلَّلُ والأيامُ يَنْقُصْنَ عُمْرَهُ ... كما تَنْقُصُ النِّيرانُ من طَرَفِ الزَّندِ
٢ - وتقول العرب: " ورت بك زنادي " و" ورت بك ناري ".
ويقولون: " وريت بك زنادي " و" أوريت بك زنادي ". قال الشاعر لكعب بن زهير بن تميم التغلبي:
وَرَتْ بِكَعْبِ بن زُهَيرٍ نارِي
ساعَةَ تبدو أسْوُقُ العَذَارِى
وقال الأسود بن يعفر لبني محلم بن ذهل بن شيبان:
قُلَ لِبَنِي مُحَلَّمٍ يَسِيرُوا
بِذِمَّةٍ يَسْعَى بها مَذْعُورُ
لا قَدْحَ بَعد اليوم إنْ لَمْ تُورُوا
وذلك أن أخاه " حطائطًا " قتلته بنو يشكر، فذكر أنه قتل في جوار بني قيس، فاستنجدهم فلم يدركوا له، واستنجد بني محلم، فسعوا له، فأدركوا. وإنما قال:
لا قَدْحَ بَعْد اليوم إنْ لَمْ تُورُوا
يقول: لا أستعين بأحد بعدكم.
٣ - " قبل الرماء تملا الكنائن "؛ يقول: خذ أهبة الأمر، قبل أن ينزل بك. قال الأعشى لمالك بن سعد بن ضبيعة:
كَفَى قَوْمَهُ شَيْبانَ إنَّ عَظِيمَةً ... متى ما تَحِنْ تُؤْخَذْ لها أهَباتُها
٤ - " معترض لعنن لم يعنه ". والعنن، عنن الدابة: الشوط. وعنن الكلام: أن يتكلم أول كلامه. قال شفاء بن نصر الدارمى:
إنَّ لهم بَعْدَ الجِرَاء والعَنَنْ
سَبًّا إذا ما ظَهَرَ السَّبُّ بطَنْ
٥ - وتقول العرب: " قد بلغ السيل الزبى ". وهو أن يبلغ الأمر منتهاه. والزبية غير القترة؛ الزبية تحفر للأسد، فيصاد فيها، وهي ركية بعيدة القعر. إذا وقع فيها لم يستطع الخروج منها لبعد قعرها، يحفرونها ثم يوضع عليها اللحم، وقد غموها بما لا يحمله، فإذا أتى اللحم انهدم غماء الزبية. وأما القترة والناموس والبرأة، فإنها حفيرة يحتقرها القانص، ويطرح عليها الشجر، ويحتفرها على موارد الوحش، فإذا وردت رمي من قريب. قال أبو النجم، وهو يصف القترة:
بات إلى قُتْرَتِه طَلِيحَا
كالسِّيدِ يخفي شخَصْهُ والرِّيحَا
والنَّفَسَ العالَيِ والتسْبِيحَا
يأخذ فيه الحّيَة النَّبُوحا
ثم يبيت عنده مسدوحا
المسدوح: المقتول.
مهشم الهامة أو مذبوحا
في لجف غمده الصفيحا
وخشب سطحة تسطيحا
والطين من كفيه والتمسيحا
وقال:
في قُتْرَةٍ لَجَّفَ من أقْباِلَها
٧ - وتقول العرب: " أمر قضي بليل " و" أمر صرم بليل ".
٨ - وتقول العرب: " أصابهم راغية البكر ". يعني بكر ثمود.
وقال الأخطل:
وَإنْ تَذْكُرُوها في مَعَدٍّ فإنَّما ... أصابَكَ بالثَّرْثارِ رَاغِيَةُ البَكْرِ
وقال الأعشى:
1 / 1