ترك ذَاك الْحبّ فَإِذا كَانَ الله احب إِلَى العَبْد من كل شَيْء وأخوف عِنْده من كل شَيْء لم يحصل مَعَه عشق وَلَا مزاحمة إِلَّا عِنْد غَفلَة أَو عِنْد ضعف هَذَا الْحبّ وَالْخَوْف بترك بعض الْوَاجِبَات وَفعل بعض الْمُحرمَات فَإِن الْإِيمَان يزِيد بِالطَّاعَةِ وَينْقص بالمعصية فَكلما فعل العَبْد الطَّاعَة محبَّة لله وخوفا مِنْهُ وَترك الْمعْصِيَة حبا لَهُ وخوفا مِنْهُ قوى حبه لَهُ وخوفه مِنْهُ فيزيل مَا فِي الْقلب من محبَّة غَيره ومخافة غَيره وَهَكَذَا أمراض الْأَبدَان فَإِن الصِّحَّة تحفظ بِالْمثلِ وَالْمَرَض يدْفع بالضد فصحة الْقلب بِالْإِيمَان تحفظ بِالْمثلِ وَهُوَ مَا يُورث الْقلب إِيمَانًا من الْعلم النافع وَالْعلم الصَّالح فَتلك أغذية لَهُ كَمَا فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا وموقوفا إِن كل آدب يحب أَن تُؤْتى مأدبته وَإِن مأدبة الله هِيَ الْقُرْآن والآدب المضيف فَهُوَ ضِيَافَة الله لِعِبَادِهِ آخر اللَّيْل وأوقات الْأَذَان وَالْإِقَامَة وَفِي سُجُوده وَفِي أدبار الصَّلَوَات وَيضم إِلَى ذَلِك الاسْتِغْفَار فَإِنَّهُ من اسْتغْفر الله ثمَّ تَابَ إِلَيْهِ متعهُ مَتَاعا حسنا إِلَى اجل مُسَمّى وليتخذ وردا من الْأَذْكَار فِي النَّهَار وَوقت النّوم وليصبر على مَا يعرض لَهُ من الْمَوَانِع والصوارف فَإِنَّهُ لَا يلبث أَن يُؤَيّدهُ الله بِروح مِنْهُ وَيكْتب الْإِيمَان فِي قلبه وليحرص على إِكْمَال الْفَرَائِض من الصَّلَوَات الْخمس باطنة وظاهرة فَإِنَّهَا عَمُود الدّين وَليكن هجيراه لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَإِنَّهَا بهَا تحمل الأثقال وتكابد الْأَهْوَال وينال رفيع الْأَحْوَال وَلَا يسأم من الدُّعَاء والطلب فَإِن العَبْد يُسْتَجَاب لَهُ مَا لم يعجل فَيَقُول قد دَعَوْت ودعوت فَلم يستجب لي وليعلم أَن النَّصْر مَعَ الصَّبْر وَأَن الْفرج مَعَ الكرب وَإِن مَعَ الْعسر يسرا وَلم ينل أحد شَيْئا من ختم الْخَيْر نَبِي فَمن دونه إِلَّا بِالصبرِ وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَله الْحَمد والْمنَّة على الاسلام وَالسّنة حمدا يُكَافِئ نعمه الظَّاهِرَة والباطنة وكما يَنْبَغِي لكرم وَجهه وَعز جَلَاله وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَأَصْحَابه وأزواجه امهات الْمُؤمنِينَ وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان إِلَى يَوْم الدّين وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
1 / 27