Amira Dhat Himma
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
Géneros
واليوم ها هم نفس المعتدين يواصلون تجميع فيالقهم للزحف والنفاذ من كل شبر وثغر لتقويض الرايات العربية، وإجبارها على الانتكاس.
ورغم أن الدلهمة كانت كثيرا ما تتبدى وكأنها تنفخ في جراب مقطوع، أو كما لو أنها تؤذن في مالطة؛ حيث لا يسمعها أو يستجيب لها أحد من جماهير الغافلين اللاهين بتأمين حياتهم اليومية مأكلا وملبسا، دون تفهم لما يجري من حولهم، خاصة عبر البحار والمحيطات الغامضة، برغم أن الخطر لا يقدم إليهم ليطولهم في مضاربهم ودورهم إلا عبر تلك البحار والمحيطات المحيطة.
لذا بدأت من فورها في تملك نفاد أعصابها في تفهيم الجميع، وإيصال دعواها إلى عقولهم نصف المغلقة، الغائبة عما يحدث، ويوما إثر يوم أشار عليها حكماء العرب بأهمية تدريس وجهات نظرها
وهكذا أصبح لذات الهمة طاقم من المعلمين والمربين الذين حملوا لواء دعوتها إلى أهمية المبادرة بإعداد كتائب وفيالق الجهاد المرتقب، ودون تجاهل أو عزلة لأهمية ما يسود من معارف حول العلوم البحرية، من سفن وموانئ ومراكب وطبيعة بحرية.
ومع إعطاء كافة الاهتمامات لطبيعة البلدان التي يتجمع وينطلق منها أعداء العرب المتجمعون من كل ملة وصوب، عاداتهم ومعتقداتهم وملابسهم وأساليب حربهم، وطبيعة ما دأبوا على اتخاذه واستخدامه من أسلحة، لا تقف بحال عند المتعارف عليه لدى العرب من سيف وجواد ومقلاع.
وكانت ذات الهمة تجد في كتابات ومدونات وخرائط جدها الصحصاح، فاتح القسطنطينية، مادة قيمة شديدة الندرة والغزارة في تدريسها لنواة جيشها العربي من شباب المحاربين، ما بين عرب حجازيين ونجديين وسودانيين وسوريين وفلسطينيين، قدموا إليها من مختلف البلدان تحدوهم الآمال في المثابرة والجهاد والدفاع عن حصون وحرمات المسلمين ضد كل طامع.
بذلت ذات الهمة من جانبها كل جهد في الاختلاء بابن عمها بعيدا عن العيون وهي تلاطفه مشفقة حقا على ما به.
وكان الحارث مفتونا بابنة عمه إلى حد السفر والترحال باحثا متخيرا لها عما يمكن أن يدخل السرور والقبول إلى قلبها من هدايا نفيسة، ما بين سوارات عربية يطوق بها معصميها، وملابس وأردية من غالي حرير الهند، وأرجوان وعسجد من دمشق.
فكانت بدورها تتقبل هداياه ممتنة ولا ترفضها، إلا أنها كانت تتصدق بها على بنات أعمامها وجواريها زاهدة، وهي التي ترفض حتى مجرد التمثل بلبس النساء وزيناتهن.
وذات مرة، اقتنى لها الحارث سوارا هنديا مصاغا من الذهب الأحمر، وحمله فرحا إلى خبائها، وأصر كعادته على إدخاله في ساعدها كمثل حية رقطاء طيعة، فضاحكته ذات الهمة بأنه سبق له إحضار عشرات السوارات القيمة التي ما زالت تحتفظ بها داخل صندوق ملابسها.
Página desconocida