وأقام الحسين بن الضحاك على ولائه للحسن بن سهل، وقد حاول أن يصلح أمره عند المأمون فلم يستطع لسوء رأيه فيه وانصراف هواه عنه. •••
وكان المأمون قد أقام الحسن على مدينة «فم الصلح»
2
وما يليها من فارس الأهواز، فلما أراد البناء ببوران سنة 210ه بارح بغداد إلى هذه المدينة.
وكان العباس بن المأمون قد تقدم أباه، فوصل ظهرا بركبه إلى «فم الصلح» فتلقاه الحسن خارج عسكره في موضع على شاطئ دجلة قد بنى فيه جوسقا. فلما رآه العباس ثنى رجله لينزل، فحلف الحسن ألا يفعل وقال: بحق أمير المؤمنين لا تنزل.
واعتنقه وهو راكب، وأنزله وجلس في الجوسق ساعة هو ومن معه، وقدم له غلمان الحسن شراب الفاكهة، ثم قدم له الحسن بن سهل دابته فركبها وركب خلفه حتى وصل الركب إلى القصر.
وفي وقت الغروب خرج الحسن وحوله حاشيته وفرسانه وجنوده ليستقبلوا أمير المؤمنين. وكان قد خرج من بغداد في موكب فخم تتقدمه الطبول والموسيقى، وحوله الفرسان بسيوفهم المشروعة وملابسهم الحريرية المزركشة وخيلهم المحلى بالديباج، وأعلامهم العباسية السوداء الموشاة، وخلفه الجنود يحملون الحراب. وقد اصطحب معه أخاه أبو إسحاق المعتصم، وعمه إبراهيم بن المهدي، وأم جعفر زبيدة زوجة الرشيد، وعمته علية بنت المهدي، وأخته حمدونة بنت الرشيد، وطائفة من الأميرات والأمراء والوزراء وكبار رجال الدولة . وكان الحسن قد أقام مضارب فاخرة خارج العسكر بها أنوار تتلألأ وزينات باهرة. ووصل الموكب فركع الحسن بن سهل ورجاله بين يدي الخليفة ثم تقدموا فحملوه إلى أن أجلسوه في الجوسق، وتوافد كبراء المدينة وأعيانها يحيون أمير المؤمنين ويؤكدون له الطاعة والولاء.
ثم سار الموكب إلى قصر فخم من قصور الحسن أعده لضيافة المأمون فنزله، فرأى فيه ما شاء الله أن يرى من الأثاث والرياش والمتاع ما لا يباريه في فخامته وأبهته ما كان في إيوان كسرى أنوشروان من عظمة وجمال، وألوان من زخارف النبات والحيوان. •••
وقد حوى القصر مئات من الوجوه الحسان، والحور والولدان، وجلست إحداهن وتدعى «جنان» مع زميلات لها في إحدى المقصورات وقد تحجبن عن الأنظار، فقالت: طوبى لبوران هذا الحظ الميمون، ما أسعدها تتزوج أمير المؤمنين المأمون!
فقالت الثانية وتدعى «جوهرة»: وهل لسيدتي بوران كفء غير أمير المؤمنين يا جنان، فهي أجمل فتيات خراسان.
Página desconocida