101

Amir del Palacio de Oro

أمير قصر الذهب

Géneros

فقال: فتجيء إلي وأنا في هذه الحالة التي ترى: لي خاتم في المشرق جائز، وفي المغرب كذلك، وفيما بينهما أمري مطاع وقولي مقبول، ثم ما ألتفت يميني وشمالي وورائي وقدامي إلا رأيت نعمة لرجل أنعمها علي، ومنة ختم بها رقبتي، ويدا لائحة بيضاء ابتدأني بها تفضلا وكرما، فتدعوني إلى الكفر بهذه النعمة وهذا الإحسان، وتقول اغدر بمن كان أولا لهذا وآخرا، واسع في إزالة خيط عنقه وسفك دمه! تراك لو دعوتني إلى الجنة عيانا من حيث أعلم أكان الله يحب أن أغدر به وأكفر إحسانه ومنته وأنكث بيعته؟

فسكت الرجل يا أمير المؤمنين، فقال له عبد الله: أما أنه قد بلغني شأنك، وتالله ما أخاف عليك إلا نفسك، فارحل عن هذا البلد، فإن السلطان الأعظم إن بلغه أمرك، وما آمن من ذلك عليك، كنت الجاني على نفسك ونفس غيرك.

فقال المأمون: يا صالح، ذلك غرس يدي، وإلف أدبي، وترب نفسي. وما أشك يوما فيما عهدته فيه من حب وولاء.

الفصل السادس

مصير الفنان

أعد أحمد بن أبي خالد الأحول دارا أنيقة لإبراهيم بن المهدي ليقيم فيها كما أمر المأمون، وليكون في رعايته وتحت رقابته . فأقام بها موفور الراحة والتكريم، وأقامت معه جواريه: شارية، وريق، ومكنونة، وخالدة، وصدوف، ومعمعة، وبعض غلمانه. وكان يزوره ابناه هبة الله وبقية الله وبعض أصدقائه، ويقضي وقته في الأدب والغناء ثم في التفكير في مصيره بعد أن قضى عليه المأمون وأودعه عند أحمد بن أبي خالد كالمسجون، وإن كانت له الحرية في الخروج إلى فناء الدار وحديقتها والاجتماع بالناس.

وقد كان يرهقه هذا التفكير وكان الخوف من المأمون يقلقه ويتشاءم من نفسه، ويرى أن اسم «إبراهيم» مشئوم، فما سمي به أحد إلا ناله من الشؤم نصيب: فإبراهيم الخليل لقي من نمروز ما لقي وطرح في النار، وإبراهيم بن محمد

صلى الله عليه وسلم

مات طفلا صغيرا ولم يعمر، وإبراهيم الإمام قتله مروان بن محمد خنقا في سجن حران، وإبراهيم بن الوليد خلع، وإبراهيم بن عبد الله بن الحسين العلوي قتله المنصور، وعمه إبراهيم بن الحسين سقط عليه السجن فمات، ثم هو قد خلع من الخلافة وفشل في ثورته وهزم أمام المأمون وقبض عليه وقيد بالأغلال واعتقل. فأي مصير مشئوم ينتظره إلا أن يكون الموت مهما تعلل بالآمال.

وجلس يائسا مبتئسا، ثم دخلت عليه جاريته خالدة فرأته واجما حزينا، فسألته عما به فلم يجبها، فخرجت مشفقة عليه فناداها أن تأتي له بالعود، فذهبت وعادت تحمله فأخذه الشجو وجعل يغني:

Página desconocida